شعبان بلال (القاهرة)
رغم المساهمة المنخفضة لمنطقة القرن الأفريقي في انبعاثات الغازات الكربونية والدفيئة، إلا أنها أكثر المناطق في العالم تأثراً بتغير المناخ الذي تضاعفت تداعياته على الكثير من بلدان القارة السمراء في السنوات الأخيرة وأثرت على حياة ملايين الأشخاص في تلك المنطقة التي تضم 7 دول هي إثيوبيا وإريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا والسودان وجنوب السودان.
وبحسب تقارير أممية ودراسات بحثية، تتنوع أشكال تأثيرات تغير المناخ على منطقة القرن الأفريقي ما بين هطول أمطار وارتفاع في درجات الحرارة وموجات جفاف، مما يهدد ملايين اللاجئين والنازحين داخلياً.
وذكر تقرير لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن عدد المهددين بالمجاعة في منطقة القرن الأفريقي ازداد إلى أكثر 22 مليون شخص بسبب الجفاف الناجم عن تغير المناخ، بالإضافة إلى تسجيل أكثر من 7.5 مليون حالة نزوح داخلي بسبب الكوارث في القارة الأفريقية، حسب التقرير العالمي عن النزوح الداخلي 2023.
ويعد الجفاف أكثر تداعيات تغير المناخ خطورة في منطقة القرن الأفريقي، حيث أوضحت الأمم المتحدة أن «احتجاب هطول الأمطار للموسم الرابع على التوالي منذ نهاية العام 2020 فاقم جفافاً هو الأسوأ منذ 40 عاماً، وأدى إلى نفوق الملايين من رؤوس الماشية وقضى على المحاصيل، بجانب غرق مناطق في كينيا والصومال وإثيوبيا في أوضاع أشبه بالمجاعة، وترك أكثر من مليون شخص منازلهم بحثاً عن المياه والغذاء.
وأدت موجات الجفاف الطويلة إلى نزوح نحو مليوني شخص داخلياً في إثيوبيا والصومال، وملايين اللاجئين عبروا الحدود من الصومال وجنوب السودان إلى المناطق التي يطالها الجفاف في كينيا وإثيوبيا، و3.3 مليون شخص آخرون تطالهم تأثيرات الجفاف، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويعد الصومال من أكثر دول القرن الأفريقي تأثراً بتغير المناخ بصورة مباشرة بسبب الجفاف، فبحسب الأمم المتحدة سيعتمد نحو نصف سكان الصومال على المساعدات الإنسانية، وسيبلغ عدد المتضرّرين من الجفاف 8.3 مليون نسمة.
وأدى الجفاف أيضاً إلى تزايد النزاع القبلي في الصومال ليمثل ما بين 35 إلى 40% من أعمال العنف، حيث إن معظم الخلافات تدور حول الوصول إلى الأراضي والمياه للرعي والزراعة.
لم يختلف الوضع كثيراً في كينيا، فتغير المناخ تسبب في ارتفاع عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدة بأكثر من 4 أضعاف في أقل من عامين، حيث أوضح تقرير للأمم المتحدة أن الجفاف المتصاعد بسرعة ترك 3.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وفي إثيوبيا، يستيقظ نحو 7.2 مليون شخص جوعى كل يوم في إثيوبيا نتيجة أشد موجة جفاف منذ عام 1981 مستمرة منذ 5 مواسم، والتي أدت إلى تلف المحاصيل الزراعية ونفوق أكثر من مليون رأس من الماشية.
كما تسبب تغير المناخ في زيادة النزوح الجماعي وتعميق الوضع الإنساني بتضرر ما يقرب من 8 ملايين شخص وتشرد أكثر من 286 ألف شخص، بعد تبخر مصدر الدخل الوحيد بنفوق 1.4 مليون رأس حتى عام 2022 بسبب الجفاف، بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وأوضحت دراسة حديثة أن الجفاف لم يكن ليشتد إلى هذا الحد لولا تأثير انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهذا أسهم بتدمير المحاصيل والمراعي في منطقة يعتمد أكثر من نصف عدد سكانها على الزراعة والثروة الحيوانية لكسب لقمة عيشهم.
وتؤكد الأمم المتحدة أن تغير المناخ وتداعياته لها تأثيرات واسعة على زيادة معدلات انتشار الإرهاب في أفريقيا خاصة منطقة القرن الأفريقي، موضحة أن موجات ارتفاع الحرارة والتصحر والجفاف والفيضانات تدفع الجماعات الإرهابية نحو التسابق لاقتناص الثروات الناجية من الكوارث الطبيعية.
وذكر تقرير للبنك الدولي في أكتوبر الماضي، أن قارة أفريقيا ستتأثر أكثر من غيرها بتغير المناخ، وتوقع هجرة ما يصل إلى 86 مليون أفريقي داخل بلدانهم بحلول 2050، تظهر البيانات الخاصة بالبلدان في غرب أفريقيا وحوض بحيرة فيكتوريا أن مزيداً من المناطق الساخنة للهجرة المناخية يمكن أن تظهر في وقت مبكر بحلول عام 2030.