دينا محمود (الخرطوم، لندن)
في غمار مخاوف وكالات أممية ومنظمات إغاثية من أن يفتح الغياب النسبي للاهتمام الدولي بالأزمة في السودان الباب أمام ارتكاب المزيد من الانتهاكات على الأرض، حذر محللون غربيون، من خطورة التبعات الجيوسياسية الإقليمية، للقتال الذي يشهده هذا البلد، منذ أكثر من 7 شهور.
وبالتوازي مع تقلص احتمالات إيجاد نهاية قريبة للقتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، شدد المحللون على أن أياً من الطرفيْن، لم يُبد حتى الآن القدرة على توجيه «ضربة قاصمة» للآخر، حتى وإن حقق مكاسب ميدانية في هذه المنطقة أو تلك، وهو ما يزيد من معاناة المدنيين، في المقام الأول.
وفي ظل توقعات متشائمة بإمكانية أن يقود استمرار الاقتتال إلى حدوث انهيار أمني وسياسي في السودان، على غرار ما شهدته بعض دول الجوار، انتقد كاميرون هدسون الباحث في مركز «الدراسات الاستراتيجية والدولية» ومقره واشنطن، ما اعتبره استهانة العالم، بمثل هذا الخطر، في ظل انشغاله بأزمات، كتلك المحتدمة في قطاع غزة وأوكرانيا.
وحذر هدسون، من أن مساحة السودان، التي تزيد على نظيرتها في ليبيا، ستجعل أي انهيار له «كارثياً»، بما يتجاوز في تبعاته ما نجم عن الاضطرابات والفوضى الأمنية التي سادت الساحة الليبية، على إثر سقوط نظام معمر القذافي في أغسطس 2011.
وقال الخبير الغربي في تصريحات نشرتها صحيفة «تليجراف» البريطانية على موقعها الإلكتروني، إن «تجسيد سيناريو الفوضى على أرض الواقع في السودان، قد يدفع عشرات الملايين من سكانه، إلى الفرار سواء عبر بلدان القارة الأفريقية الأخرى، أو من خلال البحر الأحمر، هرباً من انزلاق بلادهم، في أتون العنف والاقتتال العرقي».
ويُخشى من أن يُفسح ذلك المجال، للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، لدخول هذا المشهد الفوضوي، من أجل سد الفراغ السياسي والأمني، الناتج عن أي تفكك كامل محتمل لمؤسسات الدولة السودانية، وهو ما سيُضاف إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، التي جعلت قرابة نصف السكان، البالغ عددهم قرابة 50 مليون نسمة، في حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية.
وفي حين تفيد التقديرات الأممية، بأن عدد قتلى الأزمة السودانية تجاوز الآن 10 آلاف شخص، يشير مراقبون إلى أن العدد الفعلي ربما يكون أكبر من ذلك بكثير، في ظل توقف المستشفيات عن العمل، واضطرار كثير من الأسر، لدفن أحبائهم في مقابر مرتجلة، من دون تسجيلهم في قوائم الوفيات.
وفي الوقت نفسه، تشكو منظمات الإغاثة الدولية، من عجزها عن إيصال مساعداتها إلى المحتاجين إليها في أنحاء مختلفة من السودان، ويقول بعضها إنه يتم منعه من الاضطلاع بدوره، على هذا الصعيد، خاصة في مناطق القتال الرئيسة في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور.
وفي هذا الإطار، دعا مسؤولو منظمة «أطباء بلا حدود» المجتمع الدولي، إلى إبداء اهتمام أكبر بالوضع الإنساني المتدهور الذي يكابده السودانيون، لا سيما في ظل تزايد حجم الاحتياجات الإغاثية، ونقص التمويل اللازم لتوفيرها للمتضررين من القتال، ما يجعل الأزمة السودانية «محنة إنسانية مسكوتاً عنها» في الوقت الحاضر، على الأقل.