أحمد مراد (القاهرة)

تشهد منطقة غرب أفريقيا توسعاً ملحوظاً لنفوذ وأنشطة تنظيم «القاعدة» الإرهابي، لا سيما بعد رحيل القوات الفرنسية عن مالي، والإعلان عن رحيل قوات الأمم المتحدة نهاية العام الجاري.
وفرض التنظيم الإرهابي سيطرته على بعض القرى بمنطقة «أزواد» شمال مالي، إضافة إلى حصاره لمدينة «تمبكتو» منذ أغسطس الماضي، ما جعل المدينة التاريخية تواجه أزمة إنسانية حادة دفعت الآلاف من سكانها إلى الفرار. كما نجح التنظيم في مد نفوذه وأنشطته في المثلث الحدودي بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وأوضحت المساعدة السابقة لوزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، وعضوة لجنة الحكماء في «الكوميسا»، السفيرة سعاد شلبي، أن منطقة غرب أفريقيا تمثل مركزاً رئيسياً لأنشطة العديد من الجماعات الإرهابية، أبرزها جماعة «بوكو حرام» التي أصبحت جزءاً من «القاعدة»، بعدما كانت جماعة محلية تركز أنشطتها داخل نيجيريا، وأيضاً جماعة «نصرة» التي تأسست في مالي خلال العام 2017، وضمت عدداً كبيراً من الإرهابيين الذين ينتمون لتنظيمات وحركات مسلحة مختلفة، وأعلنوا تجمعهم واندماجهم في هيكل واحد، ومبايعتهم لأيمن الظواهري، زعيم تنظيم «القاعدة» آنذاك.
وذكرت شلبي في تصريح لـ«الاتحاد» أن انسحاب القوات الفرنسية والأممية من منطقة غرب أفريقيا سمح بتمدد وتوسع نفوذ الجماعات الإرهابية، ومن بينها تنظيم «القاعدة» الذي يحاول الانتشار في أراض حدودية واسعة بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وتُظهر بعض التقديرات الإقليمية والدولية سيطرة تنظيم «القاعدة» على مساحات واسعة بالمناطق الشمالية في مالي، ويمتد نفوذه جنوباً نحو عمق بوركينا فاسو، وحتى حدود توغو، إضافة لوصوله إلى حدود النيجر، ساعده في ذلك امتلاكه كميات كبيرة من الأسلحة وآلاف الأتباع والمقاتلين، وتفوقه في سرعة الإغارة والاختفاء، ما جعله يكبد جيوش دول المنطقة خسائر فادحة.
وقالت الخبيرة في الشؤون الأفريقية: إن منطقة الغرب الأفريقي تتمتع بموارد طبيعية وثروات معدنية هائلة، وهو ما يجعلها هدفاً رئيسياً لمطامع الجماعات الإرهابية التي تستهدف السيطرة على هذه الموارد، مستغلة ما تعانيه من الاضطرابات السياسية، وكثرة الانقلابات العسكرية، وتزايد حدة النزاعات القبلية والإثنية، وضعف الرقابة على المناطق الحدودية، إضافة إلى التدهور الاقتصادي الذي يدفع الكثير من الشباب المتعطل إلى الانضمام للجماعات الإرهابية.
وبحسب مؤشر الإرهاب العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، فإن منطقة غرب أفريقيا تُعد إحدى البؤر الرئيسية للإرهاب في العالم، تضم 4 من بين أكثر 10 دول في العالم تضرراً من الإرهاب، وهي مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، ونيجيريا.
من جانبه، أوضح الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الإرهابية، منير أديب، أن تغير الأنظمة الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر خلال الأعوام الأخيرة ساهم بشكل كبير في تنامي نفوذ وأنشطة تنظيم «القاعدة» وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى في منطقة غرب أفريقيا، إلى جانب التراجع الملحوظ في تواجد القوات الدولية والأممية في المنطقة.
وقال أديب لـ«الاتحاد»: إن الجماعات الإرهابية المنتشرة في منطقة الغرب الأفريقي لا تشكل خطورة على أمن أفريقيا وحدها، وإنما على أمن العالم بأكمله، بما في ذلك الدول الأوروبية والآسيوية والشرق الأوسط، لا سيما أن هذه التنظيمات عابرة للحدود، وبالتالي لا بد أن يدرك المجتمع الدولي هذا الأمر جيداً، ويعمل على تفعيل دوره في مواجهتها.