أحمد مراد (تونس، القاهرة)

تواصل الرئاسة والحكومة التونسية مساعيهما الرامية إلى معالجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعاني منها غالبية قطاعات الشعب، وتنطلق في مسارين، الأول يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج تمويل، والثاني يتعلق بالبحث عن بدائل ومصادر أخرى للتمويل المطلوب.
وتوصلت تونس العام الماضي إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض 1.9 مليار دولار، ولكن المفاوضات تعثرت لاحقاً بسبب رفض تونس تنفيذ بعض شروط الصندوق.
وأوضح الناشط السياسي التونسي، صهيب المزريقي، أن مفاوضات تونس مع صندوق النقد ما زالت قائمة ومستمرة حسبما أعلن وزير الخارجية التونسي، لافتاً إلى وجود مساع أوروبية لتقريب وجهات النظر من أجل الوصول إلى نقطة التقاء. 
ويشترط صندوق النقد الدولي تنفيذ عدة إصلاحات للحصول على التمويل، من بينها خفض عجز الموازنة العامة، وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، ورفع الدعم عن بعض المنتجات، وخفض قيمة الدينار لمنع البنك المركزي من استخدام الاحتياطيات لدعم العملة المحلية.
وذكر المزريقي في تصريح لـ«الاتحاد» أن تونس لا تسعى إلى تغليب أطراف دون الأخرى في سياستها الدولية وتعاملاتها المالية، ومن هذا المنطلق لم تقطع الدولة التونسية علاقتها مع المانحين الدوليين، مشيراً إلى انخراط تونس في أعمال صندوق النقد الدولي منذ 24 أبريل 1958.
وأشار المزريقي إلى وجود بدائل أخرى متاحة أمام تونس، فهناك عدة صناديق وجهات للتمويل يمكن أن تعتمد عليها، مثل البنك الإفريقي للتنمية، والبنك العربي، إضافة إلى آلية الاقتراض الثنائي البيني مع بعض الدول.
وشدد المزريقي على أهمية سياسة «الاعتماد على الذات» التي ذكرها الرئيس التونسي، قيس سعيد، أكثر من مرة، عبر العمل على خلق الثروة، وإيجاد مناخ جديد يساعد على تطوير الاقتصاد مع مراعاة التطورات العالمية الحاصلة، والتوجه نحو تعزيز القطاع الفلاحي لتفادي الأزمة الغذائية، إضافة إلى تطوير قطاعات الصناعة والخدمات والطاقة والمناجم، وتحسين مناخ الاستثمار.
وفي الوقت الذي تتوقع فيه وكالة فيتش للتصنيف الائتماني موافقة صندوق النقد على برنامج التمويل الخاص بتونس قريباً، تشير بعض تقديرات المحللين الاقتصاديين إلى قدرة الاقتصاد التونسي على الصمود دون برنامج الصندوق على المدى القصير، لا سيما مع ارتفاع الاحتياطيات والضبط الهامشي للأوضاع المالية بفضل انتعاش السياحة.
ومن جانبه، أوضح الكاتب والمحلل السياسي التونسي، بسام حمدي، أن تونس تتجه نحو خيارات جديدة من بينها التعويل على الذات من خلال إصلاح العديد من القطاعات وتطوير الإنتاج، إضافة إلى بعض الشراكات مع الدول العربية، ولكن في الوقت نفسه هذه الخيارات ليست بديلاً عن قرض صندوق النقد.
وقال حمدي في تصريح لـ«الاتحاد»، إنه لا مفر من إتمام الاتفاق مع صندوق النقد، لا سيما أن العجز في الموازنة العامة يحتاج إلى مبالغ طائلة تقدرها بعض الدوائر بنحو 15 مليار دينار تونسي، ولا يمكن لتونس أن تتلقاها في شكل قروض أو هبات من منظمات دولية أخرى.