حسن الورفلي (القاهرة)

أكد السفير هشام بدر، المنسق العام للمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، أن «كوب 28» سيشكل «أول تقييم عالمي» لمراجعة التقدم الذي أحرزته الدول في تنفيذ أهداف اتفاقية باريس للحد من آثار التغير المناخي، والذي سيكون له دور كبير في تحديد ماهية وشكل مخرجات المؤتمر، فضلاً عن ذلك سيكون هناك عدة موضوعات مهمة أخرى مطروحة على طاولة النقاش والمفاوضات وتشمل التمويل المناخي، والخسائر والأضرار، والتحول العادل للطاقة النظيفة.
وأوضح بدر، في حوار مع «الاتحاد»، أن مشاركة مصر في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28» ستكون استثنائية، نظراً للمشروعات والمبادرات المختلفة التي سيتم تمثليها وتقديمها، ومن أبرزها المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية.
نموذج 
وقال هشام بدر، إن مبادرة «المشروعات الخضراء الذكية» تُعد نموذجاً غير مسبوق يهدف إلى توطين العمل المناخي، والدفع بالاقتصاد الأخضر.
وحول إمكانية الدول العربية من تحقيق الأمن الغذائي بشكل صحي وآمن ومستدام، أكد السفير هشام بدر، أن تحقيق الأمن الغذائي يتطلب تعاوناً متعدد الأطراف، وتوجهاً استراتيجياً من قبل الحكومات والمجتمعات المحلية، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك التزام قوي بتحقيق الأمن الغذائي كجزء من جهود العمل المناخي، والسعي لتحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال عدد من التوجهات، من أبرزها الاستثمار في مشاريع تحلية المياه وتوزيعها بشكل فعال، وتشجيع استخدام التكنولوجيا وتطويرها، والاهتمام بالبحث العلمي، وتوجيه المزارعين وأصحاب المصلحة لاستخدام تقنيات الزراعة المستدامة، مثل الزراعة العضوية، وتعزيز التنوع البيولوجي في المزارع والمحاصيل لتقليل مخاطر الأمراض والآفات، بالإضافة إلى تطوير نظم ري فعالة ومحسنة تساعد على إدارة الموارد المائية بفعالية وترشيد الاستهلاك.
رسالة قوية
وأكد السفير هشام بدر ضرورة تحقيق الأمن الغذائي من خلال تطوير القطاع الزراعي بصورة شاملة ومنهجية للتكيف مع التغيرات المناخية التي تعاني منها العديد من البلاد العربية واكتساب المرونة اللازمة للتعامل مع الظواهر المناخية عبر تأهيل ورفع قدرات الكوادر العاملة بهذا القطاع الحيوي، وتوفير الإمكانيات والتكنولوجيا المطلوبة للزراعة العضوية المستدامة؛ بهدف ضمان قدرته على إنتاج الكميات المطلوبة بالجودة المنشودة.
وحول ما تمثله استضافة دولة الإمارات لمؤتمر المناخ «كوب 28»، أوضح أن رئاسة دولتين عربيتين لدورتين متتاليتين من مؤتمر الأطراف لتغير المناخ «كوب 27» في مصر و«كوب 28» في الإمارات تعد رسالة قوية وواضحة تدل على عزم الدول العربية والأفريقية على تناول قضية تغير المناخ بطريقة عملية معنية بالتنفيذ أكثر مما سبق.
وأوضح السفير بدر أن تضافر واستكمال الجهود في هذا الشأن هو أمر حتمي لتحقيق نتائج ملموسة والتأكيد على تحمل الدول المنتجة للانبعاثات الكربونية مسؤولياتها في دعم الدول المتضررة من التلوث البيئي من خلال توفير التمويل اللازم للعمل المناخي.
وحول أهمية الدورة الجديدة لمؤتمر المناخ، أكد أن «كوب 28» يعزز إطار المشاورات والمفاوضات متعددة الأطراف الدولية حول القضايا المناخية الملحة تحت إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لمؤتمر التغير المناخي، خاصة ما يتعلق بقضايا التكيف والتمويل ووسائل التنفيذ، وذلك في الوقت الذي شهد فيه العالم العديد من الأزمات المناخية المتطرفة منذ انعقاد مؤتمر المناخ الأخير بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر 2022، وأبرزها موجة الحرارة القياسية التي ضربت العالم في شهر يوليو 2023 وتسجيل أعلى متوسط حرارة عالمياً، والتي ألقت بظلالها على أغلب دول العالم، بالإضافة إلى التطورات الدولية والإقليمية المتسارعة وغير المؤاتية التي تستلزم من جميع دول العالم وتحديداً الدول المتقدمة التحلي بالمسؤولية تجاه تلك الأزمات والحيلولة دون تفاقمها واتخاذ خطوات جادة وفعالة لتسريع وتيرة العمل المناخ المشترك من أجل مستقبل أفضل للكوكب والجميع.
وأوضح أن الدول العربية والأفريقية أصبحت تعتمد أيضاً أدوات مبتكرة لتمويل العمل المناخي، حيث يعتبر استخدام أدوات تمويل مبتكرة أحد أهم السبل التي يمكن للدول النامية اعتمادها لتوفير التمويل في ظل تزايد عبء الدين وعدم توافر سبل ميسرة للتمويل. وتتمثل بعض أدوات التمويل المبتكر التي تعمل دول المنطقة على تطبيقها في السندات الخضراء وأسواق الكربون.
العدالة المناخية
وأكد أن العدالة المناخية معنية بشكل رئيسي بتوزيع الأعباء الناتجة عن تغير المناخ بين الدول المتقدمة والدول النامية بشكل عادل، حيث تقع المسؤولية التاريخية لتغير المناخ الناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة على عاتق الدول الصناعية بشكل أساسي، إلا أن الدول النامية بالرغم من مساهمتها الضئيلة، هي الأكثر عرضة لآثار تغير المناخ.
أوضح أن القانون الدولي البيئي يقر مصطلح العدالة المناخية من خلال تبني مبدأ «المسئولية المشتركة متباينة الأعباء»، والذي يُعد تجسيداً لفكرة أن المسؤولية تقع على الجميع دون استثناء بما يدفع الأطراف كافة للعمل سوياً للتصدي لظاهرة التغير المناخي مع الإقرار بفكرة تفاوت تلك المسؤولية بين الدول المتقدمة التي استفادت من الثروة الصناعية والتكنولوجية، وذلك في مقابل الدول النامية التي لم تستفد منها بل أن العديد منها يعد الأكثر تأثراً وتضرراً من ظاهرة التغير المناخي.
وأشار بدر إلى أن السبيل لتحقيق العدالة المناخية هو إدراك أن قضية تغير المناخ هي قضية أممية آثارها تقع على الشعوب كافة، وبالتالي فإن التعاون المطلق وتعبئة الموارد من قبل الدول كافة، بما يتناسب مع قدرات كل دولة، ووضع التعهدات التي أُقرت على المستوى العالمي حيز التنفيذ، أمر حتمي لضمان استمرار الحياة والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة.