عبد الله أبو ضيف (واشنطن، القاهرة)
تشهد الولايات المتحدة الأميركية حالة من التجاذب والسخونة السياسية، والأجواء المتوترة، مع ارتفاع الأصوات داخل مجلس النواب المطالبة بإحالة الرئيس جو بايدن للتحقيق في ارتكابه أخطاء رآها البعض تستحق العزل، الأمر الذي يتكرر للمرة الثانية على التوالي خلال السنوات العشر الأخيرة، كما تم مع الرئيس السابق دونالد ترامب الذي يمثل أمام القضاء، ويواجه العديد من الاتهامات.
وفي تلك الأجواء، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، ما السبب في أن الكونغرس الأميركي هو الذي يتولى التحقيق في هذه الوقائع وليس القضاء.
وفي هذا السياق، قال الباحث في الشأن الأميركي إدموند غريب إن الدستور الأميركي مرتبط بشكل كبير بالدستور البريطاني، حيث تمت صياغته بعد الثورة الأميركية على أن السلطة السيادية ملك للشعب، ومجلس النواب هو الممثل الرئيسي لتنفيذ هذه السلطة، ومن ثم منحت له مسؤولية مساءلة رئيس الجمهورية على عكس السلطة القضائية، والتي هي جزء رئيسي من السلطة التنفيذية التي يترأسها الرئيس.
وأضاف غريب في تصريح لـ «الاتحاد» أن الأمر يتم عبر خطوات عدة، يبدأها مجلس النواب من خلال هيئة محلفين كبرى تقوم بتوجيه التهم لرئيس الجمهورية الذي تراه ارتكب خطأ يستحق العزل أو المساءلة، ثم تتم الإدانة الرسمية من قبل الغرفة الثانية للكونغرس (مجلس الشيوخ) والذي يضم هيئة محلفين أصغر، وأكثر تحديداً، والتي يتم من خلالها اتخاذ قرار العزل حال استمرار الإجراءات.
والرئيس الأميركي الوحيد الذي واجه إجراءات العزل هو أندرو جونسون الذي تولى منصب الرئاسة في العام 1865 وكان الرئيس الـ 17 للولايات المتحدة، وكان مجلس النواب قد طالب بعزله في العام 1868.
وأوضح غبريال صوما، العضو السابق بالمجلس الاستشاري للرئيس ترامب، أن الدستور الأميركي مبني على الاستحقاق للكونغرس بالتشريع واتخاذ القرارات المهمة التي تتعلق بمصير الشعب، فلا يمكن لرئيس الجمهورية أن يتخذ قرار الحرب من دون الرجوع للكونغرس.
وأضاف صوما في تصريح لـ «الاتحاد» أن وجود السلطة الحقيقية في يد الكونغرس، يعني تحكم الشعب بشكل دائم في القيادة، ومن ثم امتثال الرئيس الذي يبقى على رأس السلطة التنفيذية تحت رهن الاستجابة لمطالب الشعب، ويحقق مصالحه قدر المستطاع.
وأشار إلى أن عدم وجود قرار محاكمة الرئيس أو عزله في يد القضاء يرجع إلى عدم الرغبة في وجود محاباة من السلطات المختلفة لرئيس السلطة التنفيذية، والذي بيده أغلب قراراتها في النهاية، ومن ثم وجود القرار في يد الكونغرس المنتخب أكثر عدلاً.