دينا محمود (لندن)

في الوقت الذي يسابق فيه العالم الزمن لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تبنتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عام 2015، شدد خبراء في الشؤون الأفريقية، على أن إقامة منطقة تجارة حرة في القارة السبيل الأمثل لمساعدة بُلدانها، على إنجاز هذه الغايات، بحلول الموعد المحدد للوصول إليها، بعد أقل من 7 سنوات من الآن. وأشار الخبراء، إلى أن إقامة تلك المنطقة، ستفتح الباب أمام الدول الأفريقية لتبادل السلع والمنتجات فيما بينها بشكل أكثر سلاسة، والاستفادة على نحو أكبر، بما تزخر به أراضيها من موارد طبيعية هائلة، خاصة على صعيد المعادن والثروة الحيوانية.واعتبر الخبراء، أن أفريقيا لا تزال بعيدة عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي ترمي الأمم المتحدة من ورائها للقضاء على الفقر وتحسين الظروف المعيشية لسكان دول العالم، وذلك على الرغم من أننا في منتصف الطريق صوب موعد إنجاز هذه الأهداف في عام 2030.
فلا يزال 695 مليوناً من سكان القارة السمراء، ممن يمثلون 50% من سكانها، إما فقراء أو يواجهون خطر الوقوع في هوة الفقر، على الرغم من أن قارتهم تمتلك نحو 60% من الأراضي الصالحة للزراعة غير المزروعة على مستوى العالم، وتحظى بمساحات واسعة من الغابات المطيرة، خاصة في المناطق القريبة من خط الاستواء.
وبحسب تصريحات نشرها موقع «أفريكان بيزنس» الإلكتروني، أشار متابعون للشأن الأفريقي، إلى أن النجاح في إقامة منطقة للتجارة الحرة في أفريقيا، سيكون بالنسبة لدولها، أشبه بـ «مشروع مارشال» الذي أطلقته الولايات المتحدة لإعادة إعمار أوروبا، في الفترة التالية لإسدال الستار على الحرب العالمية الثانية، وبلغت تكاليفه قرابة 17 مليار دولار، وهو ما يعادل أكثر من 200 مليار، في الوقت الحاضر.
فمن شأن تحقيق هذا الإنجاز، تمكين الدول الأفريقية من تسخير مواردها بفاعلية، للانتقال إلى مرحلتيْ التصنيع المستدام والتنويع الاقتصادي، خاصة أنها ستضم بين جنباتها أكثر من 40% من شباب العالم، بحلول عام 2030، وهو ما سيعطيها ميزة نسبية متفردة، بالمقارنة بقارات أخرى، تتسارع فيها معدلات الشيخوخة حالياً.
وشدد الخبراء على أن منطقة التجارة الحرة القارية، ستتيح الفرصة لأفريقيا للاستفادة من ثرواتها المعدنية الكبيرة، خاصة من معدنيْ «الكوبالت والبلاتين»، اللذيْن تحتكر القارة 71% و77% من الإنتاج العالمي لهما، على الترتيب. ويُتوقع أن تسهم هذه المنطقة أيضاً، في تعزيز التجارة البينية بين الدول الأفريقية، بنسبة تفوق 30% بحلول عام 2045، وذلك بفضل إلغاء التعريفات الجمركية والحواجز غير الجمركية كذلك.
كما أن استحداث تلك المنطقة، سيساعد على ضخ مزيد من الاستثمارات في مجال «تحول الطاقة»، وهو مفهوم يعني الانتقال من استخدام الطاقة المشتقة من مصادر غنية بالكربون مثل الفحم والنفط، إلى الاستعانة بالطاقة المستمدة من مصادر قليلة الكربون، كالغاز الطبيعي أو المصادر المتجددة.
وبحسب تقديرات مستقلة، من المنتظر أن يفضي تعزيز الاستثمارات في هذا المجال، إلى توليد طاقة تكفي أكثر من نصف مليار أفريقي، يفتقرون حاليا لموارد الطاقة، كما سيسهم ذلك في تدعيم الصناعات، التي تحتاج للطاقة الكثيفة، في مختلف أنحاء القارة.
فضلاً عن ذلك، يؤكد الخبراء أن أفريقيا تتمتع بإمكانيات كبيرة على صعيد تزويد بقاع العالم الأخرى بالطاقة المتجددة، بوصفها موقعاً واعداً لإنتاج «الهيدروجين الأخضر»، وهو وقود عالمي عالي التفاعل، يمكن أن يُنتج طاقة، دون التسبب في انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض.