دينا محمود (لندن)

«لم تغلق نافذة الأمل بعد في إمكانية الحيلولة دون تجاوز الخط الأحمر على صعيد الاحترار العالمي». رؤية يبشر بها خبراء في شؤون المناخ، بالرغم من المؤشرات المُنذرة بالخطر، التي شهدتها الشهور القليلة الماضية، فيما يتعلق بتفاقم تبعات التغير المناخي، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة في غالبية أنحاء كوكبنا، بمستويات غير مسبوقة.
ويشير الخبراء في هذا الشأن، إلى النمو القياسي والاستثنائي في بعض الأحيان، لمعدل استخدام تقنيات الطاقة النظيفة والمتجددة، في كثير من الدول، وهو ما يعزز الآمال في الإبقاء على ارتفاع درجة الحرارة عالميا، في نطاق درجة ونصف الدرجة، فوق المستويات التي كانت سائدة قبل الثورة الصناعية.
فالتقديرات المستقلة، تفيد بأن التزايد الكبير المُسجل على مستوى العالم منذ عام 2021، في مستويات الاستفادة من الطاقة الشمسية ومبيعات السيارات الكهربائية، يتماشى مع المعدلات المطلوبة، لتحقيق ما يُعرف بـ «صافي الانبعاثات الصفري»، بحلول عام 2050. ويعني هذا المفهوم، خفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى أقرب مستوى ممكن من الصفر، مع إعادة امتصاص أي انبعاثات متبقية من الغلاف الجوي، عن طريق المحيطات والغابات وغيرها.
ويُعَوَّل على تعزيز استخدام الطاقة الشمسية وزيادة رقعة انتشار السيارات الكهربائية، في تقليص الانبعاثات عالميا بنسبة الثلث، بحلول عام 2030. كما أن تلك التقنيات، توفر خيارات أكبر للبشرية، للابتعاد عن مصادر الطاقة المُلَوِّثة للبيئة، وخفض تكاليف استخدام أي بدائل لهذه المصادر.
ولكن هذه التطورات الإيجابية، لا تنفي أنه لا يزال من الضروري على دول العالم، اتخاذ إجراءات أكثر فاعلية وجرأة خلال العقد الحالي، للحد من تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، حسبما قال الخبراء في تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لمجموعة «كليميت أكشَن»، المعنية بتطورات ملف تغير المناخ.
وعلى رأس هذه التدابير، التحرك بوتيرة أسرع، لضمان تحقيق ما هو مأمول، من زيادة قدرة دول العالم على الاستفادة من موارد الطاقة المتجددة، بواقع ثلاثة أضعاف المستوى الحالي، بحلول نهاية العقد الجاري، وذلك جنبا إلى جنب، مع مضاعفة المعدل السنوي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، ودعم الزخم الراهن على صعيد مبيعات السيارات الكهربائية.
ويتوازى مع هذا الأمر، ضرورة العمل على خفض الانبعاثات الناجمة عن استخدام غاز الميثان في قطاع الطاقة بنسبة 75 %، بما يكفل في نهاية المطاف، تحقيق ما يفوق 80 %، من نسبة التقليص المطلوبة للانبعاثات بنهاية العقد الحالي.
وعقب الموجات الحارة غير المسبوقة التي ضربت العالم في الصيف الماضي، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، من أن كوكب الأرض دخل «عصر الغليان العالمي».
ويجمع المعنيون بشؤون التغير المناخي، على وجود حاجة لمواصلة ضخ الاستثمارات، في مشاريع التحول نحو الطاقة المتجددة، القائمة حاليا بالفعل، مُحذرين من أن الفشل في توسيع نطاق الانتفاع من هذا النوع من الطاقة بسرعة كافية، من الآن وحتى عام 2030، سيخلق مخاطر مناخية إضافية.
كما سيؤدي ذلك، إلى أن يصبح هدف الإبقاء على مستوى ارتفاع الحرارة، في حدود درجة ونصف الدرجة مئوية، مرهونا بالاستخدام المكثف لما يُوصف بـ «تقنيات إزالة الكربون»، التي تتسم بأنها باهظة الثمن. 
وتشمل تلك التقنيات، الرامية لتخليص الغلاف الجوي من التلوث الكربوني الموجود فيه الآن، استخدام الفحم الحيوي الذي يُضاف إلى التربة كسماد ما يساعد على إزالة الكربون من الهواء، وغرس الأشجار واستعادة الغابات، لزيادة نسبة امتصاص ثاني أكسيد الكربون.
ويحذر الخبراء، من أن الفشل في التوسع في استخدام الطاقة النظيفة بسرعة كافية بحلول عام 2030، سيوجب على العالم إزالة قرابة خمسة مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي سنويا، خلال النصف الثاني من القرن الحالي. ومن شأن فشل تقنيات إزالة الكربون في تحقيق هذا الهدف، جعل مسألة الإبقاء على ارتفاع درجة الحرارة عالمياً في نطاقه الحالي، ضرباً من المستحيل تقريبا.