أحمد عاطف (الرباط، القاهرة)
تسابق فرق الدعم النفسي الزمن لتقديم المساعدة للناجين من الزلزال الذي ضرب المغرب في 8 سبتمبر الجاري، وذلك بعد الظروف الصعبة والأحداث الأليمة التي عصفت بأسرهم، لا سيما مع معاناتهم من أوضاع نفسية صعبة لما مروا به من مواقف أليمة بسبب الفاجعة، من فقدان أحبتهم ومعايشة أوقات عصيبة بجانب الخوف من تكرار الهزات الأرضية.
واعتبر المتطوعون من الأخصائيين النفسيين، أن المبادرة التي يقومون بها مع الأطفال والكبار بعنوان «نعيدهم للحياة»، ضرورية لمواكبة الحالة النفسية الآنية وتهدف إلى تخفيف آلام المتضررين، ومساعدتهم على تجاوز المحنة، خاصة في ظل الصدمات النفسية جراء المشاهد المأساوية للقرى النائية المدمرة التي وصلتها فرق الإنقاذ بعد أيام من فتح الطرق.
أحد المتطوعين في فرق الدعم النفسي بالمغرب مولاي أحمد بندوشي، قال لـ«الاتحاد»، إن «الدعم النفسي إثر الزلزال المدمر من الأهمية بمكان، خصوصاً لمن عايش الوقائع والأحداث من قرب ولا تقل أهميته عن الدعم الطبي، حيث توجد بينهما علاقة وطيدة بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر، ومن الأهمية بمكان ضرورة المواكبة النفسية للمصابين بسرعة للتمكن من جبر آلام المتضررين قبل تفاقمها وتجذرها في العقل والنفس ما يصعب من إزالتها لاحقاً».
وأوضح مولاي أن الدعم النفسي في الكوارث والأزمات يتمثل في المساندة المعنوية من خلال مشاركة المصاب أوجاعه ومرافقته في رحلة المعاناة والتخفيف عنه بشتى الطرق من إظهار التعاطف وتهوين المصيبة والبحث عن طرق تجاوز الكارثة بأقل خسائر ممكنة، معتبراً أن وجود ضحايا من الأقارب والأسرة له تأثير كبير في النفس ويحتاج معه الإنسان إلى المواساة، ورفع المعنويات بشكل كبيرو مع العلم أن عملية التكيف لدى الأطفال الذين فقدوا ذويهم ستكون أكثر تحدياً من غيرها.
وقال مولاي: «القضية الحقيقية ليست الوقت الحالي، ولكن ما ستتم مواجهته في المستقبل، لهذا نحتاج إلى وضع خطط عمل حتى نتمكن من العودة إلى الوضع الطبيعي في أسرع وقت ممكن، ويعد التضامن الاجتماعي أحد العناصر الأساسية للأفراد للتغلب على الصدمات، لهذا سيكون من الأفضل بكثير إعطاء أهمية للعمل الجماعي في هذه الفترة، فعندما يكون الناس معاً في خيام أو مناطق اجتماعية سيسمح لهم ذلك بمشاركة آلامهم حيث يساعد بعضهم بعضاً».
وأشار إلى أهمية الجانب الديني المتمثل في دروس أعضاء المجالس العلمية المحلية بالمناطق المتضررة، حيث يتواصلون مع الأهالي من خلال الخطاب الديني في هذه الحالات.
واعتبر خبراء علم النفس أن ما يجرى بعد الأحداث مباشرة يمكن تفسيره على أنه «نوبة هلع»، لكنه يعد اضطراباً لما بعد الصدمة، التي تشكل أحد أهم الاضطرابات النفسية خلال فترة الأزمة، لا سيما مع استمرار مداها لأيام وأسابيع عدة، وربما شهور وأعوام، نتيجة الأحداث المأساوية التي عاشها هؤلاء الأفراد جراء الكارثة الطبيعية المدمرة.
بدوره، كشف الناشط والصحفي المغربي يوسف الحايك في تصريح لـ«الاتحاد»، عن أنه بعد مضي أسبوعين على كارثة الزلزال، تتواصل المبادرات الإنسانية الحكومية والمدنية لدعم المتضررين من مختلف الشرائح والفئات العمرية، وبخاصة الأطفال لتمكينهم من تجاوز الصدمة التي خلفتها الكارثة ومداواة آثارها النفسية.