دينا محمود (مقديشو، لندن)
أرقام قياسية كارثية، كان الصوماليون على موعد معها منذ بداية العام الجاري، وذلك على وقع تضافر عوامل داخلية وخارجية، أدت إلى تردي الأوضاع على الصُعد السياسية والأمنية والإنسانية في بلادهم، على نحوٍ دفع ملايين من سكانه، إلى التحول إما إلى نازحين أو لاجئين.
فخلال الشهور السبعة الماضية، تزامن تصاعد المعارك بين الجيش وحركة «الشباب» الإرهابية، وتفاقمت حالة انعدام الأمن الغذائي في الصومال بفعل الأزمة الأوكرانية وما أسفرت عنه من شُحِ في الحبوب، مع اشتداد وطأة الظواهر الجوية المتطرفة، الناجمة عن التغير المناخي.
وقادت تلك التطورات المتزامنة إلى ارتفاع عدد النازحين في الصومال، إلى مستوى هو الأعلى منذ عقد كامل، ليبلغ وفقاً لتقديرات منظمات دولية، أكثر من 1.3 مليون شخص، خلال النصف الأول من عام 2023، وهو ما يقارب العدد الإجمالي، لمن أقدموا على ذلك، على مدار عام 2022 بأكمله.
كما يشكل هذا العدد الهائل للصوماليين، أكثر من ثلاثة أضعاف من مضوا على الدرب نفسه في 2021، ما يؤكد أن حالة النزوح الراهنة، باتت تشمل تجمعات سكنية بكاملها، تسعى للفرار من الوضع المعيشي المتدهور، وهو ما يفضي إلى اكتظاظ مخيمات الإيواء، وازدياد الطلب على المواد الغذائية. وتشير وكالات الإغاثة العاملة في الصومال، إلى أن ما يقرب من 60%، ممن نزحوا في الفترة ما بين يناير 2023 وحتى منتصف العام ذاته، اتخذوا هذا القرار، بسبب تبعات التغير المناخي. وتُبرز هذه النسبة الكبيرة، بحسب تقرير نشره موقع «هورن أوبزرفر» الإلكتروني المعني بمتابعة التطورات في منطقة «القرن الأفريقي»، التأثيرات السلبية المترتبة على تغير المناخ بوتيرته الحالية، التي قادت لأن يبتلي الصوماليون، بموجة الجفاف الأسوأ من نوعها، منذ 7 عقود تقريباً، وأن يُباغتوا أيضاً بأمطار غزيرة هطلت على بلادهم قبل شهور، وسببت فيضانات مفاجئة ومدمرة.
أما نسبة الـ 40 في المئة المتبقية من النازحين، فتُمَثِل من فروا منهم من مناطقهم، بسبب تصاعد الصراعات المسلحة وانعدام الأمن فيها، على إثر تصاعد الهجمات الإرهابية لـ«الشباب». ومع فرار الصوماليين من ديارهم في النصف الأول من العام الحالي بمعدل فاق 7400 شخص يومياً، تتزايد التحديات التي تواجه المنظمات الإنسانية، التي تكافح لتلبية احتياجات السكان، ممن يحتاج ما لا يقل عن نصفهم، أو ما يوازي 8.5 مليون نسمة، إلى الدعم الإغاثي.