عبدالله أبو ضيف (بيروت، القاهرة)

يحيي لبنان، اليوم الجمعة، الذكرى السنوية الثالثة لانفجار مرفأ بيروت المروّع، بتنكيس الأعلام وإغلاق المؤسسات العامة، فيما تجددت الدعوات لإجراء تحقيق دولي مستقل تحت إشراف الأمم المتحدة لمحاسبة المسؤولين عن الحادثة، وسط تأكيدات بأن التحقيقات المحلية لن تفضي لأي نتائج بسبب تعطيل ميليشيات «حزب الله» لها.
وتسبب الانفجار الذي وقع في 4 أغسطس 2020 بمرفأ بيروت بمقتل 220 شخصاً وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، وألحق دماراً واسعاً بالمرفأ وبعدد من أحياء العاصمة، وحرم مؤسسات وأفراداً من أملاكهم ومصادر رزقهم.
ونجم الانفجار، وفق السلطات، عن تخزين كميات ضخمة من مادة «نيترات الأمونيوم» داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.
وأصدر محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود مذكرة لتنكيس الأعلام في الساحات العامة، كما طلب من اللبنانيين الوقوف دقيقة حداداً على أرواح الضحايا، كما أصدرت الحكومة قراراً بإغلاق الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات اليوم الجمعة.
وعلى الرغم من الكارثة التي لا تزال أصداؤها تصدح في العاصمة اللبنانية، لم يتم الإعلان عن إدانة واضحة للمسؤولين عنها، حيث أشار عضو مجلس النواب اللبناني فادي كرم إلى أن القصة ليست في 10 آلاف متضرر، بل في شعب متضرر بسبب ممارسات ميليشيات «حزب الله» الإرهابية التي عرقلت التحقيقات.
وأضاف عضو مجلس النواب اللبناني في تصريح لـ «الاتحاد» أن «التحقيق بعد 3 سنوات مشلول بسبب العرقلة المتعمدة لعمل القضاء في هذه القضية المحورية ومن ثم طالبنا بتحقيق دولي من اللحظة الأولى لوقوع الانفجار الذي تسبب في صدمة حقيقية وإنسانية، وكان من المعروف المتسبب خلف هذا الإهمال الذي لم يتسبب بانهيار المرفأ وحده، وإنما تسبب في انهيار الدولة اللبنانية كدولة يشوبها الإهمال».
وطالب بضرورة وجود تحقيق دولي مستقل من الأمم المتحدة والجهات الحقوقية والإنسانية الدولية والتي تستطيع وحدها الوصول ومحاكمة المتهمين في هذه الواقعة التي تعد واضحة المعالم والاتهامات.
وقال: «مع التحقيقات بالطريقة المحلية، فالجميع يعرف أنه لن يتم التوصل لشيء ولو بعد سنوات وليس بعد 3 سنوات فقط من الحادثة بسبب تعنت «حزب الله» وتعطيله للتحقيقات الجارية».

وفي السياق، اعتبر عضو مجلس النواب اللبناني مارك بو ضو، أن المعطل الرئيسي لمحاكمة المتهمين وإدانتهم بشكل واضح هو «حزب الله» الذي يعطل من خلال المنتمين له في الحكومة عمل القضاة في متابعة المتهمين ومساءلتهم قانونياً، وبالتالي يستمر هروب المتهمين الذين ينعمون ويعيشون بشكل طبيعي بفضل «حزب الله» الذي لا يهمه سوى مصلحته الشخصية.
وأضاف عضو مجلس النواب اللبناني في تصريح لـ«الاتحاد» أن «الجناة ما زالوا يتمتعون بحماية سياسية من الذين يتبعونهم، وهنا يمكن توضيح هذا الأمر بالإشارة إلى أن المتهمين هم وزراء ومسؤولون سابقون، فيما تم اتخاذ قرارات حكومية لوقف عمل قاضي التحقيق معهم، وسبب الإيقاف الذي دام أكثر من عام كامل هو عدم توقيع وزير المالية الذي هو بالأساس ينتمي إلى حركة أمل وحزب الله، نفس اتجاه وتنظيم المسؤولين عن انفجار مرفأ بيروت، وبالتالي أصبح اللبنانيون في حلقة مفرغة من عدم الحساب في أكبر قضية هزت الوسط اللبناني وتسببت في وفاة المئات».
وأردف النائب مارك بو ضو: «هناك مذكرة توقيف بالفعل ضد المسؤولين عن مرفأ بيروت لكنهم فارون من العدالة المقيدة بسبب الإجراءات التي اتخذها وزراء تابعون لحزب الله، وبالتالي هم تحت حماية سلطة السلاح والتسلط على سلطات الدولة ومؤسساتها، فيما يقف التحقيق والعدالة عاجزين أمام سلطات حزب الله وتسلطه ورغباته في تحقيق مصالحه الشخصية».
من جهته، قال المحلل السياسي اللبناني جورج عاقوري دغمان لـ«الاتحاد»، إن «الأزمة الحقيقية تكمن في الإرادة، حيث تمثل واقعة عدم محاسبة المتهمين في حادث مرفأ بيروت، علامة على ترهل سلطات الدولة اللبنانية التي تعاني من استغلال فصيل بعينه للظروف التي تمر بها، ويمنع تحقيق العدالة حتى في حال إراقة الدماء في واقعة تمت على الهواء مباشرة بشكل يعكس مدى الإهمال والتقصير».