دينا محمود (بيروت، لندن)
في الوقت الذي تواصل فيه مختلف القطاعات في لبنان حالة التردي و«السقوط الحر» منذ أواخر عام 2019، حذر محللون وخبراء، من أن ميليشيات «حزب الله» الإرهابية، لا تتورع عن استغلال الوضع الراهن، لاكتساب مزيد من النفوذ على الساحة الداخلية اللبنانية.
فـ «الحزب» وحلفاؤه يصرون منذ عدة شهور، على عرقلة إيجاد أي توافق في مجلس النواب، على انتخاب رئيس جديد للبلاد، خلفاً لميشال عون، وذلك في مسعى من تلك الميليشيات، لفرض اختياراتها فيما يتعلق بالساكن المقبل لقصر بعبدا، على القوى اللبنانية الأخرى.
ويحول ذلك في نهاية المطاف، من دون انتهاء الشلل الراهن، الذي يخيم على السلطة التنفيذية في لبنان، على وقع غياب أي حكومة فاعلة وكاملة الصلاحيات هناك منذ عام، والعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية منذ 8 أشهر، فضلاً عما يلاحق محافظ المصرف المركزي من اتهامات فساد، أدت إلى صدور مذكرات توقيف دولية بحقه، وذلك في وقت تُفرض فيه عقوبات غربية على شخصيات لبنانية، مرتبطة بشبكة التمويل المشبوهة لـ«حزب الله»، المفروض عليه تدابير عقابية بدوره.
ويؤكد المراقبون أن الميليشيات وقادتها يتجاهلون أن الأزمات التي تعصف بلبنان، ما هي إلا نتاج عقود من انخراط الطبقة الحاكمة، وفي القلب منها «حزب الله» نفسه، في ممارسات فساد ومحسوبية وسوء إدارة، بما أدى إلى سقوط قرابة 80% من السكان تحت خط الفقر، بعدما فقدت الليرة 98% من قيمتها منذ أواخر عام 2019، وارتفع معدل التضخم إلى 269% على الأقل، وشحت السلع الأساسية في الأسواق. وقاد الدور التخريبي الذي يضطلع به «حزب الله» في غمار الأزمة الحالية، إلى أن تعجز النخبة الحاكمة في بيروت، عن توفير الخدمات الضرورية لشعبها، وسط مؤشرات على اتساع مطرد للفجوة القائمة بين الطبقة السياسية المسيطرة على مقاليد الأمور واللبنانيين الذين بات الكثيرون منهم يغادرون وطنهم في موجات متتابعة، تبدو أشبه بهجرة جماعية إلى أوروبا والأميركيتين، بحثاً عن حياة أفضل.
ونقل موقع «بيه بي إس» الإلكتروني الأميركي، عن المتابعين للشأن اللبناني، إشارتهم إلى المفارقة المتمثلة، في أن انهيار لبنان يتواكب مع تنامي نفوذ «حزب الله» الذي يجمع المراقبون، على أن النواب الممثلين له في البرلمان، يقاتلون في الوقت الحاضر، لكي يتسع نطاق سيطرته على السلطة التنفيذية، من دون اكتراث بما ينجم عن ذلك من ثمن باهظ يتكبده اللبنانيون جميعاً.
ويستعين «الحزب» في مساعيه هذه، بـ«الدولة العميقة» التي يسيطر على مفاصلها في لبنان منذ عقود، ما أدى إلى وضع هذا البلد، على حافة التحول إلى «دولة فاشلة» على كل المستويات، خاصة بعد أن أخفقت الانتخابات النيابية الأخيرة، التي أُجريت في مايو من العام الماضي، في إفراز برلمان تقوده وجوه إصلاحية، قادرة على إنهاء هيمنة «حزب الله» وأنصاره، على مؤسسات صنع القرار.