دينا محمود، وكالات (باريس، لندن) 

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، أنه سيتم نشر قوات أمنية إضافية للسيطرة على أعمال الشغب التي تشهدها أنحاء مختلفة من فرنسا في أعقاب مقتل فتى برصاص شرطي، وُجّهت إليه تهمة القتل العمد.
واختصر ماكرون، مشاركته في قمة أوروبية في بروكسل للعودة إلى باريس ليرأس اجتماع خلية أزمة وزارية بعد احتجاجات عنيفة لليلة الثالثة على التوالي. وقال في كلمة ألقاها خلال الاجتماع مع أعضاء من حكومته إن وزارة الداخلية ستعمل على حشد «وسائل إضافية» للتعامل مع الاحتجاجات، مندداً «بالاستغلال غير المقبول للحادث»، كما دعا منصات التواصل الاجتماعي إلى حذف مشاهد الشغب «الحساسة». 
وأضاف أن هناك «استغلالاً غير مقبول لوفاة فتى مراهق، وهو ما نشجبه جميعا، إذ ينبغي أن تكون هذه الفترة فترة تعاضد واحترام»، ودان مفتعلي «أعمال العنف البحتة التي لا مبرر لها وهي غير مشروعة».
ورحب ماكرون بالاستجابة «السريعة والمناسبة» للشرطة، وأعلن أن وزارة الداخلية ستنشر «موارد إضافية»، قائلاً «تم اتخاذ القرار بإلغاء العديد من الاحتفالات والتجمعات في الدوائر الأكثر حساسية».
وقال «من الواضح أن الوضع الذي نعيشه، هو نتيجة جماعات منظمة وعنيفة ومجهزة في بعض الأحيان، ونحن ندينها ونوقفها وستُقدم للعدالة، ولكن، هناك أيضاً عدد كبير من الشباب، ثلث المعتقلين في الليلة الماضية هم من الشباب، وبعضهم صغار جداً»، داعياً الأسر ومنصات التواصل الاجتماعي الرئيسية لأن تتحلى «بروح المسؤولية». 
وصباح أمس، اجتمعت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن بعدد من الوزراء، ونددت في تغريدة بما اعتبرتها أفعالاً «غير مقبولة وغير معذورة».
ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحفي حول احتمال اللجوء إلى فرض حال الطوارئ، قالت بورن «ندرس كل الاحتمالات، واضعين أولوية إعادة النظام الجمهوري على كل الأراضي» الفرنسية.
وهزت أعمال شغب شملت تخريب مقار إدارات عامة وعمليات نهب ومناوشات متفرقة ليل الخميس الجمعة، مدناً كثيرة واقعة في منطقة باريس بعد توجيه تهمة القتل العمد وحبس الشرطي الذي أقدم على قتل مراهق يبلغ السابعة عشرة خلال عملية تدقيق مروري بعدما رفض التوقف الثلاثاء الماضي في نانتير قرب العاصمة الفرنسية.
وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان أن 875 شخصاً أوقفوا ليل الخميس الجمعة، فيما قالت مصادر مقربة إن جزءاً كبيراً من الموقوفين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 عاماً.
كما أعلنت الوزارة إصابة 249 شرطياً في أعمال الشغب، ولم تكن أي إصابة في صفوف عناصر الشرطة والدرك خطرة.
بدورها، طالبت الأمم المتحدة فرنسا بمعالجة مشاكل العنصرية والتمييز العنصري في صفوف قوات الأمن. وأدت واقعة مقتل المراهق نائل، الذي لم يُكشف بعد عن اسمه الكامل، إلى أن تتحول العاصمة الفرنسية بين عشية وضحاها، من مدينة تشهد فعاليات مهرجان موسيقي، يُقام فيها سنوياً، احتفالاً باستقبال فصل الصيف، إلى مسرح لمعارك ومواجهات عنيفة ودموية، وصفها البعض بغير المسبوقة.
فعلى جدران المباني في كثير من شوارع المدينة، كُتِبَت العبارات المُنددة بمقتل الصبي البالغ من العمر 17 عاما، وذلك في ظل إعراب الكثير من الفتية والمراهقين عن غضبهم، إزاء ما اعتبروه قوة مفرطة، لجأت إليها الشرطة في التعامل معه، خلال عملية تدقيق مروري أخضعته لها في منطقة نانتير القريبة من باريس، وانتهت بإطلاق النار عليه، ما أودى بحياته بعدما رفض الامتثال لأوامر رجال الأمن، وفقاً لبيانات رسمية.
وأشار مراقبون، تحدثوا لدورية «ذا نيويوروبيان» الأسبوعية البريطانية المعنية بالشؤون الأوروبية، إلى أن الواقعة الأخيرة تُذكي مناخ الاستقطاب والقلق في الأوساط الشعبية والسياسية في فرنسا. كما تثير الشكوك، في أن يكون بوسع السلطات هناك احتواء الموقف في أي وقت قريب، خاصة بعد استمرار أعمال العنف لأيام عدة، ما اضطر قوات الأمن لحشد عشرات الآلاف من عناصرها، في أنحاء مختلفة من البلاد. وقال المراقبون إن الاعتقالات المتواصلة، والتي شملت المئات من الأشخاص حتى الآن، تشعل أيضاً غضب شرائح مجتمعية تُوصف عادة بالمهمشة سواء في باريس أو في مدن فرنسية أخرى، ما يُنذر بتواصل المصادمات وأعمال الشغب، وذلك على الرغم من توجيه السلطات القضائية، تهمة القتل العمد للشرطي الذي أطلق النار على نائل، وإبقائه قيد الاحتجاز.