دينا محمود (كابول، لندن)

بالتزامن مع استمرار موجة الجفاف التي تضرب أفغانستان للعالم الثالث على التوالي، واجهت البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية، تهديداً آخر لا يقل خطورة، تمثل في اجتياح أسراب كثيفة من حشرات الجراد، للكثير من مقاطعاتها الشمالية، وإتلافها لجانب كبير من المحاصيل المزروعة هناك. وأكد خبراء دوليون في مجال الإغاثة، أن سقوط ثمانٍ من مقاطعات أفغانستان الـ 34 فريسة لهذه الحشرات التي تعتبر من أكثر الآفات المُضرة في العالم، جاء في أسوأ وقت ممكن بالنسبة لمواطني هذا البلد الذين يُخشى من أن يواجه ثلثهم على الأقل، أو ما يصل إلى 15.3 مليون نسمة؛ بينهم 3.2 مليون طفل، الجوع بمستويات حادة، خلال الأشهر الخمسة المقبلة.
واعتبر الخبراء، أنه بالتواري مع «غزو الجراد» يتواصل توقف تقديم الدعم الغذائي إلى ثمانية ملايين أفغاني، منذ شهرين بسبب نقص التمويل، ما يهدد بانزلاق البلاد بأسرها، إلى وضع أشبه بالمجاعة.
فوفقاً لبيان أصدرته منظمة «أنقذوا الأطفال» غير الحكومية الدولية؛ أدى اجتياح مئات الآلاف من حشرات الجراد لأفغانستان مؤخراً، إلى خسارتها لما يقارب ربع محصولها السنوي من القمح، أو ما يعادل نحو 1.2 مليون طن من هذه الحبوب، بما يكبد البلاد خسائر مادية، تشارف نصف مليار دولار. وسبق أن حذر مسؤولون أمميون، من أن الانهيار الاقتصادي الذي تعاني منه أفغانستان، جعلها أقل قدرة على التصدي لتلك الحشرات المنتمية لنوع ضارٍ من الجراد، وذلك في ظل تواصل موجة الجفاف واتساع رقعة الرعي الجائر، بما يجعل الظروف مثالية، لحدوث هذا الغزو.
وحذر بيان «أنقذوا الأطفال»، من أن المنظمات والوكالات العاملة في مجال الإغاثة في أفغانستان، تواجه عجزاً يُقدر بـ 2.2 مليار دولار في ميزانيتها المُخصصة لدعم الأطفال وأفراد الأسر المنتمين للفئات الأكثر هشاشة في هذا البلد، وهو ما يؤكد ضرورة توفير تمويل عاجل، يفضي لمد يد العون للأفغان، من أجل الحيلولة دون أن يواجهوا خطر المجاعة الفعلية.
وفي بيانها الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، طالبت المنظمة، بزيادة المساعدات الإنسانية الدولية الموجهة للشعب الأفغاني، واستئناف ما تم تعليقه منها لأسباب سياسية في أغسطس 2021، ما زاد من معاناة سكان أفغانستان، المنكوبة بالصراعات والأزمات منذ ما يزيد على أربعة عقود، والتي يعيش 85% من مواطنيها حالياً، تحت خط الفقر.
وأكد مدير أنشطة «أنقذوا الأطفال» في أفغانستان، أرشد مالك، أن على المجتمع الدولي «التزاماً أخلاقياً بدعم الأطفال والنساء والأُسر في أفغانستان في هذا الوقت العصيب»، مُحذراً من أن الصغار هم الأكثر تضرراً من الأزمة، وأن الملايين منهم سيعانون بشكل أكبر، ما لم تتم زيادة المساعدات الإنسانية الموجهة لهم، بشكل فوري.
ولكن مالك شدد في الوقت نفسه، على أن تلك المعونات، لا تشكل وحدها «حلاً سريعاً» للأزمة الراهنة، مُطالباً بالتعامل مع الأسباب الجذرية لمشكلة انعدام الأمن الغذائي الحالية في أفغانستان، سواء عبر استئناف المساعدات التنموية، أو من خلال دعم الاقتصاد المحلي المتهالك.