دينا محمود (لندن)

بعد أيام من اختتام وفد إفريقي رفيع المستوى زيارة وساطة لطرفي الأزمة الأوكرانية المستمرة منذ نحو عام ونصف العام، دعت وزيرة الدولة الفرنسية السابقة لحقوق الإنسان راما ياد، إلى عدم التقليل من شأن المبادرة التي أطلقتها القارة السمراء على هذا الصعيد، مؤكدة وجود عوامل قد تسهم في إكسابها زخماً، ربما يفضي لحلحلة الجمود، الذي يسود ذلك الملف في الوقت الحاضر.
وأبرزت ياد انخراط عدد من الدول الإفريقية ذات الثقل في هذه المبادرة، وعلى رأسها مصر وجنوب إفريقيا والسنغال، بجانب جمهورية الكونغو وزامبيا وأوغندا بالإضافة إلى جزر القمر التي ترأس الاتحاد الإفريقي حالياً، مشيرة إلى أن قادة تلك البلدان، يعتزمون أن يقدموا قريباً خطة سلام، للرئيسيْن الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، من أجل إسدال الستار على الأزمة، التي بلغت حد الصدام المسلح، منذ أواخر فبراير من العام الماضي.
ووصفت الوزيرة الفرنسية السابقة، مسعى الوساطة الإفريقي بشأن الأزمة الأوكرانية، بـ «النادر» وغير المعتاد، مُنتقدة المراقبين والمحللين، الذين استبقوا نتائج هذا التحرك بانتقاده. 
وأشارت ياد، التي كانت أحد أكثر الوزراء الفرنسيين شعبية خلال عضويتها في الحكومة، إلى أن الدعم الذي يبديه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش للمبادرة الإفريقية، حتى وإن اتسم بالحذر في هذا الصدد، جنباً إلى جنب مع المساندة الأميركية الأوروبية لها، تجعلها جديرة بأن تُمنح فرصتها لتحقيق النجاح.
وفي تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لمؤسسة «أتلانتيك كاونسيل» الأميركية المرموقة للأبحاث، ألمحت ياد التي ترأس «مجلس إفريقيا» البحثي التابع للمؤسسة، إلى ارتباط الجهود الإفريقية للوساطة بين موسكو وكييف، بالأضرار واسعة النطاق، التي لحقت بشعوب القارة السمراء، جراء اندلاع الأزمة واستمرارها، وانعدام أفق إيجاد تسوية قريبة لها.
فالصدام الراهن أدى إلى حدوث قفزة هائلة في تكاليف استيراد دول القارة، للحبوب والمواد الغذائية بوجه عام، ما قاد إلى تدهور وضع الأمن الغذائي في الكثير من أنحائها، خاصة في منطقة «القرن الإفريقي»، التي تضربها حالياً موجة جفاف، هي الأسوأ من نوعها، منذ أكثر من 4 عقود.
كما شددت الوزيرة الفرنسية السابقة، على أن لدى الدول الإفريقية خبرة واسعة في حل النزاعات، بما يمكن أن يفيد في إيجاد حل للأزمة، التي تشهدها أوروبا في الفترة الحالية، وذلك على ضوء ما شهدته بُلدان القارة السمراء طيلة السنوات الماضية، من صراعات وأزمات سياسية وأمنية واجتماعية، حتى وإن لم تكن الجهود التي بذلها القادة الإفارقة في السابق لحل تلك المشكلات، قد كُللت بالنجاح على الدوام.
فقد سبق أن أسهمت الخبرات الإفريقية في هذا الصدد، في وضع حد لحروب أهلية، وتفكيك ميليشيات مسلحة، وإعادة بناء دول دمرها القتال، وإطلاق حوار بين أطراف متناحرة، فضلاً عن إدماج المتقاتلين في مجتمعاتهم من جديد، من أجل إحلال الاستقرار، وترسيخ أسس السلام الدائم.