أحمد عاطف (القاهرة، الخرطوم)

حذر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقيه محمد، أمس، من تحول الصراع في السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع إلى حرب أهلية. 
وقال فقيه محمد، في كلمة ألقاها فقيه محمد في الجلسة العادية الـ 14 للهيئة الحكومية للتنمية «إيجاد»، إن الخطورة الشديدة للأزمة العنيفة التي تعصف بالسودان الشقيق والتهديدات الخطيرة التي تشكلها على وجود هذا البلد والمنطقة بأسرها، باتت واضحة. 
وأضاف أن هناك اتفاقاً بين جميع المحللين على أنه إذا لم يتوقف هذا الصراع على الفور، فسوف تندلع حرب أهلية، وسوف تنتشر الفوضى. 
وأعربت السعودية والولايات المتحدة عن «أسفهما الشديد لعودة الطرفين السودانيين إلى أعمال العنف بعد انتهاء هدنة التي استمرت يوم السبت لمدة 24 ساعة، مؤكدين أن الحل العسكري للصراع غير مقبول». 
وأفاق سكان الخرطوم صباح، أمس الأول، على تجدد الواقع الذي يعيشونه منذ قرابة شهرين، مع استئناف القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع المعارك بعيد انتهاء هدنة امتدت 24 ساعة.
ووفقاً لبيان مشترك نقلته وكالة الأنباء السعودية «واس»، أدانت الرياض وواشنطن بشدة تلك الأعمال ودعتا إلى وقفها فوراً. 
وأكدتا أنهما في إطار مواصلة وقوفهما إلى جانب الشعب السوداني، فإنهما على استعداد لاستئناف المباحثات بمجرد أن يظهر طرفا الصراع تقيدهما بما اتفقا عليه في إعلان جدة. 
وتابع البيان: سيعمل الميسران، الرياض وواشنطن، على التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين لوقف القتال وتقليل تأثيره على المنطقة، وتكثيف التنسيق مع الجهات المدنية السودانية ذات العلاقة لضمان مشاركتهم في رسم مستقبل السودان. 
وأعلن الميسران، أن القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، أظهرت قيادة وسيطرة فعالة على قواتهما خلال فترة وقف إطلاق النار الذي جرى بتاريخ 10 يونيو 2023، وهو ما أدى إلى تراجع حدة القتال وانحساره في جميع أنحاء السودان ومكّن من إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية وتحقيق بعض تدابير بناء الثقة.
إلى ذلك، حذر رئيس قسم الاتصال والمناصرة والشراكات بمنظمة اليونيسف في السودان أوين واتكينز، في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد» من أن السودان يواجه أزمة إنسانية «خانقة» تزداد تدهوراً مع استمرار الاشتباكات بين الأطراف، لاسيما مع وجود أكثر من 13 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وأوضح واتكينز أن الصراع المستمر في السودان قد أدى إلى تفاقم ما كان بالفعل وضعاً مزرياً للأطفال، ودفع الملايين من الفئات الأكثر ضعفاً إلى مزيد من اليأس، في بلد يعاني أعلى معدلات سوء التغذية في العالم، حيث يعاني 610.000 الهزال الشديد، ويحتاج 11 مليون شخص إلى خدمات صحية.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن «اليونيسف» تواصل تقديم المساعدة للأطفال داخل مناطق النزاع، وأطلقت في مايو النداء الإنساني المحدث للأطفال، موضحاً: «طالبنا بمبلغ 837.6 مليون دولار أميركي لتقديم خدمات منقذة لحياة الأطفال خلال الأزمة المستمرة في السودان».
وأضاف واتكينز، أن المنظمة نجحت في نقل 297 طفلاً بأمان كانوا محاصرين في دار للأيتام بالخرطوم، معظمهم دون الثانية من العمر، وتمكنوا مع شركاء آخرين من نقلهم إلى مكان آمن على بعد 200 كيلومتر من العاصمة السودانية.
وتعاني الخرطوم التي كان يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة قبل بدء المعارك، كغيرها من مدن أخرى، من نقص في المواد الغذائية وانقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات الأساسية. وتركها مئات الآلاف من سكانها منذ بدء القتال.
وعلى رغم أن توقعات السكان حيال الهدنة كانت متواضعة، لكن توقف المعارك السبت أتاح لسكان العاصمة الخروج من منازلهم بأمان نسبي، وشراء حاجياتهم الضرورية خصوصاً الغذائية، أو البحث عن علاجات طبية باتت نادرة.
وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح «أكليد»، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح حوالي مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفاً عبروا إلى دول مجاورة. وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان، خصوصاً في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب)، حيث المعارك هي الأشد.
ووفق ما تؤكد مصادر طبية، باتت ثلاثة أرباع المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة. ويخشى أن تتفاقم الأزمة مع اقتراب موسم الأمطار الذي يهدد بانتشار الملاريا من جديد وانعدام الأمن الغذائي وسوء تغذية الأطفال.