حسن الورفلي (بنغازي)
أعادت التحركات التي اتخذها البرلمان الليبي بإيقاف رئيس الحكومة المكلف منه، فتحي باشاغا، إلى الأذهان طرح قضية ضرورة توحيد السلطة التنفيذية في ليبيا، استعداداً لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لحسم حالة الصراع على الشرعية التي تعصف بالبلاد منذ عام 2011.
ووفق المعلومات التي يتم تسريبها من بعض المصادر البرلمانية فإن إيقاف باشاغا وإحالته للتحقيق بسبب تجاوزات مالية أو فساد داخل حكومته، إلا أن التحرك الأخير يعكس مدى الانقسام الذي تعاني منه بعض الأطراف الليبية.
وجرت اجتماعات ولقاءات مكثفة بين ممثلين عن مختلف الأطراف الليبية في عدد من العواصم العربية خلال الأسابيع الماضية للاتفاق على معالجة أزمة وجود حكومتين في البلاد، والدفع قدماً نحو تعديل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بحيث يتحقق التوافق الكامل حولها، وذلك لمعالجة أزمة الانسداد السياسي وحالة الاستقطاب التي يشهدها المشهد الليبي منذ أشهر.
مفاوضات مكثفة تجري لتعديل حكومة الوحدة يطالب فيها ممثلو برقة بعدد من الوزارات السيادية وفي مقدمتها وزارتا الخارجية والمالية والدفاع، وهو ما يعارضه ممثلو حكومة الوحدة في هذه المفاوضات الذين يريدون تحقيق توافق حول حكومة الوحدة باعتباره مكسباً أساسياً والتمسك ببعض الوزارات الفاعلة والمؤثرة خاصة السيادية.
«ورقة فتحي باشاغا» التي كانت محاولة لفرض واقع سياسي جديد بإيجاد حكومة موازية أسقطت بتحالفات أقوى منه، واللافت في الأمر أن إيقاف باشاغا وإحالته للتحقيق تم اتخاذه قبل استدعاء الحكومة للمساءلة وبالتوازي مع المحادثات المكثفة التي تهدف لإيجاد سلطة تنفيذية موحدة ومقبولة لكافة الأطراف، وذلك تفعيلاً للنداءات التي توجهها البعثة الأممية بضرورة عمل المكونات الليبية على تحقيق ذلك. ما يجري في ليبيا حالياً هو محاولة لضبط المشهد السياسي وترضية كافة الأطراف بوزارات ومناصب في إطار حكومة واحدة ووحيدة وهي حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً، بالإضافة لتهميش دور بعض المؤسسات.
العمل الذي يجري على قدم وساق لإدخال تعديل وزاري في حكومة الوحدة يتم بالتوازي مع تكليف أسامة حماد وزير مالية حكومة باشاغا بتولي رئاسة الحكومة خلفاً للأخير، وذلك لتخوف بعض الأطراف السياسية الفاعلة من فشل المفاوضات الجارية لتعديل حكومة الوحدة وبالتالي يمكنهم العودة إلى المربع السابق المتمثل في حكومة موازية يديرها أسامة حماد الذي يرتبط بعلاقات جيدة مع بعض الأطراف الليبية.
تداعيات ما يجري في ليبيا حالياً على المشهد السياسي سيكون له تأثيرات كبيرة في إمكانية إرجاء عملية تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية إلى عام آخر، بالإضافة لتهميش عمل لجنة «6+6» التي كلفها البرلمان بإعداد القوانين الانتخابية والتي ستعقد اجتماعاتها خارج البلاد، ما يشكل ضغطاً على البعثة الأممية التي لم تكشف حتى اللحظة رؤيتها لتشكيل لجنة رفيعة المستوى تتولى عملية الترتيب للعملية الانتخابية في ليبيا خلال العام الجاري كما يشدد المبعوث الأممي عبد الله باتيلي. ويتوقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الدرنة الليبية عبر «الاتحاد» أن تتولى اللجنة رفيعة المستوى الإشراف على القوانين الانتخابية، والدفع نحو توحيد السلطة التنفيذية وإنجاز القوانين اللازمة للانتخابات، مشيراً للخلافات العميقة بين مجلسي النواب والدولة حول قوانين الانتخابات الرئاسية تحديداً.