دينا محمود (لندن)
في وقت لا تُرصد فيه أي مؤشرات ملموسة توحي بقرب إسدال الستار على أزمة أوكرانيا المستعرة منذ أكثر من عام، يتواصل الجدال بين الخبراء والمحللين الغربيين، بشأن حقيقة تأثيرات هذا الصدام العسكري، على أوضاع الاقتصاد الروسي، الذي أظهر على مدى الشهور الماضية، قدرة على التماسك، أثارت إعجاب الكثيرين.
فبعدما كانت الدوائر الاقتصادية الغربية، تقول في الأسابيع الأولى للأزمة، إن تبعاتها، بما فيها العقوبات المفروضة على موسكو من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، قادت لأن تواجه روسيا انكماشا تصل نسبته إلى 15% على الأقل، يُنتظر أن تفيد دراسات تقييمية، أجرتها جهات لها ثقلها مثل صندوق النقد الدولي، بأن الاقتصاد الروسي، لم يعانِ في العام الماضي سوى تباطؤ طفيف، قد يعقبه قدر محدود من الانكماش خلال 2023، قبل أن يشهد -كما هو متوقع- ما يُوصف بـ«مستوى صحي من النمو» في 2024.
وتستند هذه التوقعات الإيجابية، إلى ما قاله الصندوق قبل شهرين فحسب، من أنه من المنتظر أن تُظهر الأرقام النهائية الخاصة بحجم الناتج المحلي الإجمالي الروسي في عام 2022، أنه تراجع بشكل محدود لا تزيد نسبته عن 2% خلال هذه السنة.
كما ستكشف هذه الأرقام، حسبما تتوقع تلك المؤسسة المالية الدولية، عن أن حجم ذلك الناتج المحلي، سيرتفع في العام الحالي بنسبة 0.3%، قبل أن ينتعش في 2024، بزيادة يُنتظر أن تبلغ نسبتها قرابة 2%.
ويعتبر خبراء غربيون، هذه التقديرات بمثابة رسالة، تفيد بأن الاقتصاد الروسي قوي وقادر، على تحمل التكاليف الإضافية المترتبة على استمرار أزمة أوكرانيا، التي يُصنِّفها المحللون، على أنها قد تكون الأكثر خطورة في أوروبا، منذ الحرب العالمية الثانية.
ولكن دوائر تحليلية أخرى أشارت، في تصريحات نشرتها صحيفة «الجارديان» البريطانية، إلى أن هذه الزيادة في الناتج المحلي الروسي، ربما تُعزى في الأساس، لزيادة الإنفاق على القطاع العسكري، وأن باقي القطاعات الاقتصادية، قد تكون هي الأكثر تضرراً من الأزمة وتواصلها.
وفي هذا السياق، يشير محللون إلى أن حجم إنتاج السيارات في روسيا، انخفض خلال العام الماضي، بنسبة تشارف 67%، بالتوازي مع ارتفاع مخصصات الرعاية الاجتماعية، للأسر التي فقدت بعضا من أبنائها خلال المعارك، وهو ما يشكل عبئا إضافيا على الخزانة الروسية، وذلك جنبا إلى جنب، مع قفزة شهدها الإنفاق الحكومي بوجه عام، قُدِرَت في يناير الماضي، بما نسبته 59%.