أسماء الحسيني، شعبان بلال (الخرطوم، القاهرة)
أكدت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية أن حفظ وصون أمن وسلامة البلاد يقع على عاتقها دستوراً وقانوناً، يعاونها في ذلك أجهزة الدولة المختلفة، وبناءً على هذه المسؤولية أشارت إلى أن السودان يمر بمنعطف تاريخي وخطير.
يأتي ذلك، وسط تأكيد على ضرورة التمسك بـ «الاتفاق الإطاري»، ودعوات للحوار باعتباره الحل الوحيد لتجاوز الخلافات.
وجددت القوات المسلحة، في بيان أمس، تمسكها بما تم التوافق عليه في دعم الانتقال السياسي، وفقاً لـ «الاتفاق الإطاري»، وتحذر القوى السياسية من مخاطر المزايدة بمواقف القوات المسلحة الوطنية، والتي لم تبخل في سبيل تحقيقها بتقديم الأرواح لينعم السودان بالأمن والاستقرار.
من جهته، شدد قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو «حميدتي»، أمس، على أنه لا يزال ملتزماً بما جرى التوقيع عليه في «الاتفاق الإطاري» لتسليم السلطة للمدنيين، كما يحرص على تعزيز الاستقرار في البلاد.
ويعاني السودان من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة بسبب تجدد الخلافات السياسية، خصوصاً مع تزايد احتياجات السودانيين في شهر رمضان الكريم. وأكد خبراء ومحللون سياسيون، ضرورة الإسراع بتجاوز الخلافات، واختيار حكومة تساعد على وضع خطط إنقاذ اقتصادية، وتعيد المساعدات الخارجية.
وأوضحوا أن أسعار السلع الأساسية ارتفعت في الأسواق السودانية تزامناً مع زيادة معدلات التضخم وانهيار سعر العملة، وهو ما يزيد معاناة الشعب السوداني في شهر رمضان الكريم الذي يزيد فيه استهلاك المواد الغذائية المختلفة، الأمر الذي جعل كثيرين عاجزين عن شراء الاحتياجات الضرورية في شهر الصيام.
وحذر الجيش السوداني، أمس، من خطر وقوع مواجهة بعد تحركات وحشد لقوات الدعم السريع، في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، فيما قالت قوات الدعم السريع، في بيان، إنها تنتشر في جميع أنحاء البلاد في إطار واجباتها العادية. وذكرت أنها «تنتشر وتتنقل في كل أرجاء الوطن، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار، ومحاربة ظواهر الاتجار بالبشر، والهجرة غير الشرعية، ومكافحة التهريب والمخدرات، والجريمة العابرة، والتصدي لعصابات النهب المسلح أينما وجدت».
من جهته، دعا رئيس حزب الأمة القومي السوداني فضل الله برمة ناصر، القيادات العسكرية لعقد اجتماع، وقال: «هذه الأوضاع الراهنة تستوجب تفكيراً خارج الصندوق، فالأحداث تمضي مسرعة لتشكل واقعاً إن لم نتحسب له سيتجاوز كل الآليات والعمليات السياسية السابقة».
وقال محمد المعتصم حاكم، القيادي بالحزب الاتحادي، لـ «الاتحاد» إن الحوار السوداني لا بديل عنه، وإنه الحل الوحيد لكل الأزمات للخروج بالسودان إلى بر الأمان، مؤكداً إلى أن الأمر يحتاج إلى تنازلات للمِّ الشمل ووحدة الوطن.
وقال الدكتور عبد الرحمن الغالي، القيادي بحزب الأمة القومي، لـ«الاتحاد»، إن الأولوية الآن هي منع انزلاق السودان إلى أي مواجهة، ويمكن بعد ذلك تحقيق الأهداف المرجوة على مراحل.
من جهتها، أفادت أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم تماضر إبراهيم بأن الخلافات السياسية الراهنة، وطول أمد المراحل الانتقالية، أضر كثيراً باقتصاد السودان، بجانب المؤثرات الخارجية من جائحة كورونا، والأزمة الروسية الأوكرانية.
وأضافت لـ «الاتحاد» أن الاقتصاد السوداني تأثر بشكل كبير، إضافة إلى الإخفاق في إيجاد حلول للأزمة، وزيادة تردي الأوضاع الأمنية وغيرها، لافتة إلى أن جميع القطاعات متأثرة بذلك، وأكثرها الصحة والتعليم والطاقة.
وشددت أستاذ العلاقات الدولية على أنه لا أمل في استقرار اقتصادي ما لم يتم وضع أسس سياسية راسخة، وبصورة جادة، مع وضع خطط مدروسة تعالج التشوهات في القطاعات المختلفة.
وارتفعت الأسعار بخاصة السلع الاستراتيجية بشكل غير مسبوق في السودان مع تردي الأوضاع الاقتصادية، وتوقف المساعدات الدولية منذ أكثر من عام، وانهيار سعر صرف العملة، وارتفاع معدلات التضخم.
ويرى المحلل الاقتصادي السوداني أحمد خليل أن عدم وجود حكومة، يؤدي إلى عدم وجود خطط لمواجهة أي خلل وانهيار اقتصادي أو إحداث تغيير وتنمية.
وأوضح خليل لـ «الاتحاد» أن القطاعات الاقتصادية تأثرت بالوضع السياسي، وعدم وجود خطط واضحة، وتعاني البلاد أزمة في ميزان المدفوعات، وعدم التوازن بين الصادرات والواردات، مع عدم قدرة الحكومة على توفير المرتبات في موازنة 2023 حتى الآن، وهو ما يدل على ضعف الإيرادات رغم التوسع الكبير في الضرائب وفرض رسوم في الجمارك.
وتوقع خليل أن تكون هناك رؤية اقتصادية مع توقيع الاتفاق الإطاري خلال الفترة المقبلة، عبر تشكيل حكومة مدنية تضع برنامجاً لوقف الانهيار الاقتصادي ودعم الميزانية عبر أصدقاء السودان لتجاوز هذه الأزمة، وأن تكون هناك خطة منسجمة مع الواقع، تلامس المشكلة، وتوقف التضخم وارتفاع الأسعار وانهيار سعر الصرف، ودعم الإنتاج وخلق فرص عمل.