شعبان بلال (بيروت، القاهرة)
حذر نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعادة الشامي، من أن «البلد ينهار ويتحلّل أمام أعيننا»، مؤكداً أن تأخير الإصلاحات المطلوبة سيزيد الحلول صعوبةً وإيلاماً في البلاد.
وقال الشامي، في تصريحات صحفية أمس: «ردّدت مراراً أنه إذا استمرّت المراوغة وهدر الوقت الثمين فنحن ذاهبون إلى أوضاع أكثر مأسوية وظروف لا تحمد عقباها».
وأضاف: «شارفنا على الذكرى السنوية الأولى لاتفاقنا مع الصندوق على خطة إصلاح مالي واقتصادي متكاملة، ولكن لم ينفّذ إلا الجزء اليسير من الإجراءات المطلوبة لإبرام الاتفاق النهائي».
وأكّد الشامي أن صندوق النقد الدولي «لن ينسحب من لبنان، وهذا ما أعادت التشديد عليه بعثة الصندوق، وأن الاتفاق على صعيد الموظفين قائم بمفاصله الأساسية، أما إذا تلكأنا في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وإذا لم نقم نحن بما يجب علينا فهذا يعني عملياً أننا نحن من يريد الانسحاب من الاتفاق الذي وافق عليه الرؤساء الثلاثة وأقرَّه مجلسُ الوزراء».
وقال نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية: «إن القرارَ لنا ومستقبل لبنان بأيدينا فصندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي هما عناصر مساعدة، ولكن ليسا من يقرّر مصيرنا». وأعلن أن تعثّر الإصلاح يضرّ بسمعة لبنان وبمدى استعداد الدول المانحة لتأمين التمويل اللازم وهذا ما يزيد صعوبة الإجراءات وتكلفتها. وقال الشامي: إن «سعر الصرف هو مرآة للأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية الصعبة وكذلك الأوضاع السياسية المأزومة الناتجة عن عدم انتظام عمل المؤسسات الدستورية».
واعتبر أن «تمويل العجز في الموازنة العامة، الناتج عن زيادة في النفقات لا تقابلها زيادة في الإيرادات أدّى إلى الإسراف في طبع العملة وارتفاعٍ مُطّرِد في حجم الكتلة النقدية ما نتج عنه ضغط على سعر الصرف وارتفاع جنوني في الأسعار».
وأكد خبراء ونواب لبنانيون على أن المنظومة السياسية اللبنانية غير جادة في تنفيذ اشتراطات صندوق النقد الدولي للحصول على قرض، مع وجود عوامل متداخلة، أبرزها عدم الاستقرار وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة.
وقالت الباحثة اللبنانية المتخصصة بالاقتصاد النقدي الدكتورة ليال منصور: إن صندوق النقد الدولي وضع شروطاً عدة أمام لبنان للحصول على قرض 3 مليارات دولار، منها حلول لمشكلة الكهرباء وتوحيد سعر الصرف وحل أزمة الودائع بالمصارف، لكن الحكومة لم تنفذ الإصلاحات، وتتخذ إجراءات لتضييع الوقت فقط.
وأضافت منصور، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن القرض ليس كبيراً بالنسبة لاحتياجات لبنان مقارنة بالمبالغ المنهوبة بسبب الفساد، لكن الحصول على القرض محفز من الصندوق يمنح البلد ثقة المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الأخرى.
وشددت منصور على أن لبنان يعيش أزمات اقتصادية خانقة بسبب الفشل في فوضى سعر الصرف وعدم حل مشكلات الطاقة وأسعار السلع، وارتفاع معدلات التضخم وغيرها.
من جانبها، أكدت النائبة البرلمانية اللبنانية نجاة صليبة، في تصريح لـ«الاتحاد»، عدم وجود جدية في تنفيذ الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد، لأن المصالح الشخصية والحزبية تعلو على مصلحة البلاد.
بدوره، اعتبر الباحث في الاقتصاد السياسي والاجتماعي الدكتور طالب سعد أن السبب الرئيسي في عدم تنفيذ إصلاحات صندوق النقد الدولي عدم اهتمام الطبقة الحاكمة بالوضع الاقتصادي، وما يهمها بقاؤها في السلطة، مشيراً إلى أن الإصلاحات لا تنسجم مع بقاء المنظومة الحاكمة الحالية وقد تسببت في ضياع أضعاف قيمة قرض الصندوق خلال السنوات الماضية عبر الإنفاق غير المجدي على استيراد سلع تافهة أو الفساد أو السياسات الخاطئة.
وأوضح سعد، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن اشتراطات صندوق النقد تشمل ترشيد مصروفات القطاع العام وهيكلة المصارف التي تتشابك فيها عوامل السياسة والمافيا والاقتصاد والمال، بجانب التعارض بين الإصلاحات ومصالح الفريق الحاكم.