أحمد عاطف (الخرطوم، القاهرة)

أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، عن رغبتهم في بناء «قوات مسلحة مهنية» تكون تحت إمرة سلطة مدنية منتخبة.
حديث البرهان جاء في كلمة له أمام مؤتمر «الإصلاح الأمني والعسكري» في العاصمة الخرطوم، الذي انطلق أمس، ويستمر حتى 29 مارس الجاري، ضمن مؤتمرات المرحلة النهائية للعملية السياسية في البلاد.
وقال البرهان: «نريد بناء قوات مسلحة مهنية ووقف استغلالها في السياسة، ولن نقف حجرة عثرة أمام عملية إصلاح الدولة».
وتابع: «نريد أن نمكّن أي سلطة مدنية منتخبة أن تكون القوات المسلحة تحت إمرتها، وهذه فرصة مواتية لإصلاح جميع أجهزة الدولة، ما يُطرح هنا نقوده نحن كسودانيين، ونعمل على بناء قوات مسلحة يثق فيها كل السودانيين».
وفي كلمة أيضاً خلال المؤتمر، قال نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، إن «عملية الإصلاح الأمني والعسكري تحتاج إلى تطوير ومواكبة في التشريعات والقوانين، وهذه مهمة مؤسسات مدنية، مثل وزارة العدل والمجلس التشريعي». وأردف: «بلوغ النجاح في إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية مرتبط بالأهداف السامية التي نسعى إليها والتي يجب أن تكون محل إجماع وطني، وهي تعزيز الأمن القومي ومؤسساته بعيداً عن أي أجندة أو منافسة سياسية».
وأضاف: «طالما شرعنا في بحث ترتيبات إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، أنادي بأن يخرج هذا البند من السجال السياسي تماماً، فلا سبيل لضوضاء الهتافات والشعارات في عملية فنية معقدة وحساسة غالب أجزائها يجب أن يُعالج خلف غرف محكمة الإغلاق».
والإصلاح الأمني والعسكري من قضايا الاتفاق النهائي التي حددتها الأطراف المدنية والعسكرية، وتشمل 4 أخرى هي: «العدالة والعدالة الانتقالية، والسلام، ومراجعة وتفكيك نظام 30 يونيو 1989 وقضية شرقي السودان».
وتتم مناقشة تلك القضية استكمالاً لعملية سياسية انطلقت في 8 يناير الماضي بين الموقّعين على «الاتفاق الإطاري» المبرم في 5 ديسمبر 2022 بين مجلس السيادة الحاكم وقوى مدنية، أبرزها «الحرية والتغييرـ المجلس المركزي»، للتوصل إلى اتفاق يحل الأزمة في البلاد.
وفي السياق نفسه، قال المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، إن ممثلين عن القوات المسلحة والدعم السريع، بالإضافة إلى الفصائل المسلحة سيشاركون في أعمال الورشة، وسيشارك كذلك ممثلون عن متقاعدي القوات المسلحة والقوى السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري. وأضاف المتحدث أن توصيات ورشة العمل هذه التي ستستمر مدة 4 أيام ستدرج في بنود الاتفاق النهائي. 
وأعلن تحالف قوى الحرية والتغيير، أمس الأول، اكتمال المسودة النهائية للاتفاق السياسي وتسليمها إلى الأطراف المعنية أمس، ومن المقرر توقيع الاتفاق النهائي مطلع الشهر المقبل، فيما تشكل هياكل السلطة المدنية في الـ 11 من الشهر نفسه. 
وأكد خبراء ومحللون سياسيون سودانيون، أن تطبيق العدالة الانتقالية من أهم مراحل العملية السياسية، لأنها تقود للاستقرار والأمن والسلام الدائم، والخروج من المعاناة بسبب الحروب والصراعات الممتدة لعقود.
وأوضح المحلل السياسي السوداني أُبي عزالدين عوض، أن «إجراءات العدالة الانتقالية تهدف لإنهاء الرغبة في الانتقام، وأن ما يحدث حالياً هو صنع مرارات جديدة، مما يؤدي لطلب كثيرين الانتقام عقب تغيير النظام الحالي، وبالتالي لن تنتهي دائرة الشر»، مطالباً من يقومون بالإشراف على العدالة أن يكونوا نزيهين وعادلين.
وأضاف عزالدين، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الشحن الإضافي الذي تتلقاه بعض القوى يعقد العملية السياسية، فلا يمكن ممارسة كسر العظام مع هذا العدد الهائل من الجماهير، دون تهديد استقرار البلاد.
بدورها، أشارت الباحثة السياسية بجامعة الخرطوم أسمهان إسماعيل إلى أن السودان يعاني أشد المعاناة بسبب الحروب والصراعات الممتدة لعقود طويلة، مشيرةً إلى أن المصالحة الوطنية ضرورة ملحة تقتضيها ظروف البلاد للتعامل مع موروثات الصراعات الصعبة والمعقدة جداً والمتشعبة.