دينا محمود (بيروت، لندن)

أقدم متظاهرون لبنانيون، أمس، على قطع طرق في مناطق مختلفة احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة وأسعار المحروقات.
وأفادت «غرفة التحكم المروري»، التابعة لقوى الأمن الداخلي، في تغريدة على تويتر، بـ«قطع محتجين طريق كورنيش المزرعة قرب جامع عبد الناصر غرب العاصمة بيروت بالاتجاهين احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع سعر صرف الدولار». وأضافت، أن «محتجين قطعوا بعض الشوارع شمالاً في مدينة طرابلس، بالإضافة إلى قطع السير عند منطقة مستديرة العبدة في محافظة عكار لبعض من الوقت للسبب نفسه».
وجنوباً، «قطع محتجون الطريق عند ثكنة بنوا بركات في مدينة صور بالإطارات تنديدا بالأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع سعر صرف الدولار»، وفق الوكالة الوطنية للإعلام.
المشهد نفسه في محافظة البقاع، حيث قطع محتجون طريق عام «سعد نايل» بالاتجاهين، وطريق بعلبك الدولية بالاتجاهين بحسب ما ذكر شهود عيان.
من جهة أخرى، دعا مجلس نقابة صيادلة لبنان، في بيان، نقله إعلام محلي أمس، الصيدليات إلى «الإقفال ابتداءً من لحظة صدور البيان بسبب الانهيار الحاصل من دون أي مبالاة لدى المسؤولين، وبعد توقّف الشركات والمستودعات عن تسليم الأدوية للصيدلية بشكل شبه كلّي منذ أكثر من أسبوعين، وبعد إفراغ الصيدليات من الأدوية».
وتراجعت الليرة اللبنانية في تعاملات الأسواق الموازية (السوداء) لمستوى قياسي غير مسبوق عند نحو 132 ألف ليرة لكل دولار أميركي واحد، بينما وصل سعر صفيحة البنزين إلى مليونين و390 ألف ليرة «نحو 18 دولاراً حسب دولار السوق الموازية».
ويعاني اللبنانيون منذ عام 2019 أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي بقيمة الليرة، فضلاً عن شح الوقود والأدوية وانهيار القدرة الشرائية.
وفي غمار اتساع نطاق التحقيقات التي يشهدها لبنان، لمسؤولين وشخصيات بارزة يُشتبه في تورطهم في مخالفات وجرائم مالية لتشمل حاكم المصرف المركزي نفسه رياض سلامة، يحذر مراقبون وخبراء، من أن الأزمات المتلاحقة التي تضرب هذا البلد، على صُعُد سياسية واقتصادية وأمنية عدة، تُنذر بتصدع كيانه كدولة.
وأشار الخبراء إلى أن التزامن الراهن بين فراغ السلطة التنفيذية في بيروت، واستمرار حالة «السقوط الحر» التي تضرب الاقتصاد اللبناني، ربما يعني أن الكيان السياسي للبنان يتفكك، وذلك بعد سنوات ظل فيها رهينة لميليشيات «حزب الله» الإرهابية، التي طالما فرضت سيطرتها على القرار السياسي والعسكري وزجت به بمغامرات طائشة، وأوقعته فريسة للتناحر والانقسامات.
واستبعد المتابعون للشأن اللبناني إمكانية أن يتوصل الفرقاء اللبنانيون قريباً إلى أي توافق بشأن اسم رئيس الجمهورية الجديد.
وفي ظل الفوضى السياسية والاقتصادية الحالية، تتعالى التحذيرات من أن لبنان «ربما لم يعد موجوداً كدولة»، بكل معنى الكلمة، وذلك بالنظر إلى التردي الحالي في الوضع المعيشي، وارتفاع معدل التضخم.
ويُستثنى من ذلك، كما يقول البعض، اللبنانيون الذين لا يزالون يتلقون أموالاً، من ذويهم المغتربين، وهو ما حدا بمحللين متشائمين للقول: إنه لولا الـ8 مليارات دولار، التي يضخها المقيمون في المهجر كل عام في شرايين اقتصاد وطنهم الأم، لكانت أوضاعه قد ازدادت سوءاً، على نحو كبير.