أحمد مراد (القاهرة)
قبل ما يزيد على عامين من الآن، وتحديداً في 30 سبتمبر من عام 2020، أدى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح اليمين الدستورية أمام جلسة خاصة لمجلس الأمة الكويتي أميراً للبلاد، خلفاً للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، متعهداً بالعمل على حماية أمن واستقرار الكويت، والحفاظ على رفعة شأنها وعزتها، وضمانة كرامة ورفاه شعبها.
ومع توليه مقاليد الحكم، دشن سموه عهداً تنموياً، مُعلناً عن بدء مرحلة تاريخية جديدة في مسيرة البناء والعطاء عبر خطط تنموية حديثة تواكب مستجدات العصر وتطوراته.
وخلال العامين الماضيين، حقق الشيخ نواف الأحمد الصباح العديد من الإنجازات والنجاحات، شملت مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والصحية.
في 5 ديسمبر عام 2020، أجريت أول انتخابات برلمانية في عهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وذلك بعد مرور أقل من 3 أشهر على توليه مقاليد الحكم، وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لأول مجلس أمة يُنتخب في عهده، تعهد بوضع برنامج إصلاحي شامل لمواجهة التحديات كافة. ورسم سموه خريطة طريق لنجاح برنامج الإصلاح الشامل، وتمثلت ملامحها الأساسية في التعاون الفعال بين مجلس الأمة والحكومة، والحزم في تطبيق القانون، وتغليب الحوار الإيجابي المسؤول الذي يوحد ويجمع بين فئات الشعب الكويتي، ويحقق المصلحة الوطنية المشتركة. وأولى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ملف الوحدة الوطنية عناية خاصة، وفي أكثر من مناسبة دعا إلى وحدة الصف وتضافر جهود أبناء الكويت جميعاً لتجاوز التحديات والصعوبات، مؤكداً أنه لا سبيل لتجاوز التحديات والنجاة من عواقبها إلا بوحدة الشعب الكويتي.
وفي كلمته، خلال افتتاح دور الانعقاد التكميلي للفصل التشريعي الخامس عشر لمجلس الأمة، أكد الشيخ نواف الأحمد ضرورة الالتزام بالدستور، ودولة القانون، والتمسك بالثوابت الوطنية الراسخة، وفي مقدمتها الوحدة الوطنية والتعاون كأسرة واحدة.
وقال سموه، إن وحدتنا الوطنية أثبتت على مر السنين أنها بحق سلاحنا الأقوى في مواجهة التحديات والأخطار والأزمات كافة.
نجاحات اقتصادية
اقتصادياً، سعى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح إلى تحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة وتطوير منتجاتها وخدماتها، وعمل على خلق فرص استثمارية تنافسية، وفي هذا الشأن جاءت الكويت في المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً في قيمة أصول الصندوق السيادي التي ارتفعت إلى 738 مليار دولار بعد أن كانت 270 ملياراً في عام 2011، ليسجل رقماً قياسياً وغير مسبوق بزيادة ثلاثة أضعاف قيمته في 10 سنوات فقط.
وحرص سموه على تعزيز دور القطاع الخاص باعتباره أحد روافد الاقتصاد الوطني، ويلعب دوراً مهماً في تنويع مصادر الدخل، بالإضافة إلى حرصه على مواكبة التطورات الاقتصادية المتلاحقة في العالم في ظل ما يشهده الاقتصاد العالمي من صعوبات وتحديات.
وفي أكتوبر من عام 2022، أكد صندوق النقد الدولي أن الكويت تتجه لتحقيق القفزة الأعلى بين دول الخليج من حيث النمو الاقتصادي هذا العام الذي سيبلغ 8.7%، وتوقع زيادة الرصيد المالي للكويت خلال عام 2023 بنحو 23%، مقابل 29.1 في عام 2022، و16.3 في عام 2021.
وكان المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد أصدر في أواخر عام 2021 تقريراً إحصائياً يتضمن أبرز المؤشرات الإحصائية التي تعكس الإنجازات التي حققتها دولة الكويت في مسيرتها التنموية، وكشف عن ارتفاع مستوى معيشة المواطنين ومستوى الرفاه، وهو ما يظهر جلياً في مستوى الدخل الفردي المرتفع للمواطنين، بالإضافة إلى تمتعهم بأحدث الخدمات في مجالات الصحة والتعليم والاتصالات والأنشطة الاقتصادية.
مشروعات تنموية عملاقة
تواصلت جهود القطاعات الكويتية المختلفة بتوجيهات من الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية العملاقة، أبرزها المشروعات النفطية، مثل التشغيل الكامل لمشروع الوقود البيئي الذي يعزز مكانة الكويت العالمية في مجال صناعة تكرير النفط وإنتاج المشتقات النفطية عالية الجودة والأكثر أماناً للبيئة.
ويخدم مشروع الوقود البيئي رؤية الكويت 2035، ويساعد في خلق فرص عمل جديدة للكويتيين، ويسهم بشكل فعال في تعزيز الاقتصاد الكويتي بنسبة 11.5%. كما يعد أكبر سعة إنتاجية للهيدروجين في مكان واحد في العالم.
إلى جانب مشروع مصفاة الزور التي تعتبر أكبر مصفاة في الكويت بطاقة تكرير تبلغ 615 ألف برميل يومياً، وهو من أكبر المشاريع العالمية لتكرير النفط، بالإضافة إلى مشروع مرافق استيراد الغاز الطبيعي المسال الذي يحتوي على رصيفين معدين لاستقبال أكبر ناقلات الغاز الطبيعي المسال في العالم.
وخلال العام الأول في عهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، نجح قطاع النفط في تحقيق العديد من الإنجازات خلال عام 2021، حيث حققت شركة نفط الكويت العديد من النجاحات خلال هذا العام، منها توقيع عدد من العقود المهمة لتطوير إنتاج النفط والغاز، مثل عقد إنشاء وتشغيل محطة الإنتاج الجوراسي 4 و5.
كما تم تدشين أول عملية بحرية في ميناء الزور، وبدء التشغيل الآمن لمركز التجميع 31 الاستراتيجي الذي يساهم في إنتاج 100 ألف برميل نفط، و62.5 مليون قدم مكعبة من الغاز المصاحب يومياً، إضافة إلى 240 ألف برميل من المياه المعالجة، ويضم خطاً لتصدير النفط الخام، وخطاً آخر لتصدير الغاز متصلاً بمحطة تعزيز الغاز 132، فضلاً عن خط ثالث لتصدير المياه المنتجة إلى محطة معالجة المياه.
كما تواصلت جهود تنفيذ مشروع مبنى الركاب الجديد في مطار الكويت الدولي الذي يمثل نقلة نوعية في مجال النقل بالكويت، ويؤهلها لتكون محوراً إقليمياً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط.
وفي القطاع الصحي، تم استكمال إنشاء وتسليم مركز التطعيم بجسر جابر، وإطلاق العمل في وحدة أطفال الأنابيب بمستشفى الأحمدي، والقيام بأول عملية ولادة لطفل أنابيب في مايو من عام 2021.
رعاية الشباب
حظيت فئة الشباب باهتمام كبير من قبل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي وجّه مؤسسات وأجهزة الدولة إلى العمل على رعاية الشباب وتأهيلهم بأفضل الوسائل العلمية والأكاديمية، الأمر الذي جعل الكويت تأتي في المرتبة الأولى عربياً والـ 27 عالمياً في مؤشر تنمية الشباب لعام 2021 من أصل 181 دولة. وفي هذا الشأن أيضاً، صُنفت دولة الكويت في خانة تنمية الشباب العالية جداً، وهو التصنيف الأعلى عالمياً، وتضم هذه القائمة 34 دولة فقط، من بينها الكويت واليابان وفرنسا.
طفرة تعليمية
تعمل دولة الكويت في عهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح على إعداد أجيال صاعدة وواعدة من النشء والشباب، وهو ما جسدته رؤية الكويت الوطنية (الكويت 2035) التي تعطي أولوية قصوى لتطوير رأس المال البشري الإبداعي، وتستند إلى تصور جديد للتربية والتعليم قائم على نهج شمولي وتشاركي، لا تنفرد فيه الحكومة فقط بل يشمل جميع الأطراف من مؤسسات علمية وبحثية وأوساط أكاديمية، بما في ذلك القطاع الخاص. وكان الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، رئيس مجلس الوزراء، قد مثل سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في قمة تحويل التعليم التي عقدت في مقر الهيئة العامة للأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية، وقال خلال كلمته: «تحرص دولة الكويت على ضمان التمويل المستدام للتعليم، حيث إن نسبة الإنفاق العام على التعليم في الدولة تقدر بـ 12% من إجمالي الإنفاق المحلي، وهو من أعلى المعدلات العالمية».
وفي إطار حرص الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح على تعزيز التنافسية العالمية لبلاده، حصلت الكويت على مراكز متقدمة في عدة تقارير عالمية، ومنها حصولها على المركز الأول عالمياً في مؤشر نسبة الالتحاق في التعليم العالي وفق تقرير الفجوة بين الجنسين لعام 2021.
تقدم اجتماعي
سعى الشيخ نواف الأحمد إلى تعزيز التقدم الاجتماعي الذي تشهده الكويت، ما جعل الكويت تحتل المرتبة الأولى عربياً في مؤشر التقدم الاجتماعي لعام 2021.
ويتضمن هذا المؤشر 12 مكوناً يعكس مدى التقدم الاجتماعي الذي تحققه الدولة الكويتية، وتتمثل في تحقيق الاحتياجات الأساسية كالأمن الغذائي والمائي والأمن الشخصي والرعاية الصحية، وكذلك تحقيق الرفاه كجودة البيئة والحصول على المعرفة والمعلومات، إضافة إلى الفرص المتاحة أمام أفراد المجتمع كالتعليم والحرية الشخصية.
وكانت الكويت قد حصلت على المركز الأول عالمياً في مؤشر الحصول على خدمات المياه الأساسية، وفي مؤشر تغطية الرعاية الصحية وفق تقرير الازدهار لعام 2021.
مسيرة حافلة
قبل أن يتولى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم في 30 سبتمبر 2020، قضى سموه مسيرة طويلة في خدمة بلاده، امتدت على مدى 6 عقود، وقد بدأت مسيرته في العمل الوطني عندما صدر قرار تعيينه محافظاً لمنطقة حولي في 12 فبراير 1962، وكان عمره وقتها 25 عاماً، وعلى مدى 16 عاماً، عمل على تطوير وتحديث المنطقة، ونجح في تحويلها إلى محافظة حضارية حديثة.
وفي 19 مارس 1978، عُين وزيراً للداخلية، واستمر في هذا الموقع لمدة 10 سنوات، وخلالها أحدث نقلة نوعية غير مسبوقة في عمل وزارة الداخلية وقطاعاتها المختلفة.
وفي 26 يناير 1988، عُين وزيراً للدفاع، وبعد مرور عامين فقط على تعيينه وزيراً للدفاع، تعرضت الكويت للغزو العراقي، وعمل على تجنيد كل الطاقات العسكرية والمدنية عبر العديد من القرارات الحاسمة من أجل معركة التحرير، ولعب دوراً رئيسياً وبارزاً في قيادة المقاومة الكويتية حتى تحقق النصر، واسترد الكويتيون أراضيهم.
وفي 2 أبريل 1991، عُين الشيخ نواف الأحمد وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل في أول حكومة كويتية تتشكل بعد حرب التحرير، وحينها ردد مقولته الشهيرة: «أنا جندي أقبل العمل في أي مكان يضعني فيه أمير البلاد»، وخلال عمله في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، اتخذ العديد من القرارات الإنسانية لرعاية الأرامل والأيتام والمسنين، منها قراره بإنشاء مستشفى خاص لنزلاء دور الرعاية، الأمر الذي جعل الكثيرون يطلقون عليه لقب «الوزير الإنسان».
وفي 16 أكتوبر 1994، شغل الشيخ نواف الأحمد منصب نائب رئيس الحرس الوطني، وعلى مدى 9 أعوام ترك في هذا المنصب بصمات واضحة، أبرزها إعادة ترتيب وتنظيم صفوف الحرس الوطني، وتطوير المنظومة العسكرية للحرس الوطني الذي أصبح الذراع اليمنى للقوات المسلحة الكويتية.
وفي 13 يوليو 2003، عُين الشيخ نواف الأحمد للمرة الثانية وزيراً للداخلية، الأمر الذي جعل المراقبون يصفونه بـ «الأب الروحي» لضباط وجنود وزارة الداخلية، ومؤسس أول وزارة داخلية حديثة ومتطورة في تاريخ الكويت.
وخلال الولاية الثانية له في وزارة الداخلية، عمل الشيخ نواف الأحمد على مواكبة التطورات الأمنية العالمية، وتبنى خطة لتطوير وتحديث جميع القطاعات الأمنية والشرطية، وتوفير الإمكانات المادية للنهوض بالمستوى الأمني، وإدخال الأجهزة الأمنية الحديثة، وتوظيف تطبيقات الثورة المعلوماتية والتكنولوجية المتقدمة في عمل الأجهزة الأمنية المختلفة، واستحدث العديد من الإدارات، أبرزها الإدارة القانونية، وإدارة شؤون المختارين، وإدارة الانتخابات.
وأولى الشيخ نواف الأحمد عناية خاصة بملف مكافحة الإرهاب لدرجة أنه في يناير من عام 2005 قاد بنفسه المواجهة ضد الإرهابيين، وكان موجوداً في مواقع المواجهة بهدف استئصال آفة الإرهاب من جذورها.
وفي 7 فبراير 2006، أصدر أمير الكويت الراحل، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، قراراً أميرياً بتزكية الشيخ نواف الأحمد ولياً للعهد، بعدما لمس في شخصه العديد من الخصال الحميدة من صلاح وخبرة وكفاءة، فضلاً عن دوره الوطني في بناء الوطن، وحفظ أمنه واستقراره.
تعزيز كفاءة الجيش
أبدى الشيخ نواف الأحمد حرصاً شديداً على تعزيز كفاءة القوات المسلحة الكويتية، واعتبر ذلك في طليعة أولويات عهده، وحرص على توفير كل ما يلزم القوات المسلحة الكويتية من إمكانات وأدوات للقيام بواجبها في حماية الوطن والدفاع عن ترابه وشعبه.
وكان سموه قد قال في كلمة وجهها لقادة ومنتسبي وزارة الدفاع خلال زيارته إلى الوزارة إننا لن نبخل أو نتراخى في تزويد جيشنا بما يستجد من الأسلحة والآليات، وتجهيزه بكل ما يحتاج إليه لأداء واجبه على أكمل وجه، ومواصلة العمل على تطوير وتحديث أساليب التدريب والتأهيل والإعداد في كل قطاعات الجيش.
علاقات خارجية متزنة
على مستوى السياسة الخارجية، حافظ الشيخ نواف الأحمد الصباح على مبادئ وقيم الدبلوماسية الكويتية العريقة، وانتهج سياسة خارجية متزنة ومرنة، وعمل على توسيع علاقات الكويت بمختلف دول العالم، منطلقاً من أعراف دبلوماسية راسخة متمثلة في احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والتمسك بالشرعية الدولية، والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وتسوية النزاعات بين الدول عبر الحوار والطرق السلمية، الأمر الذي جعل الدبلوماسية الكويتية تحافظ على مكانتها المرموقة، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي. وفيما يتعلق بعلاقات الكويت على المستوى الخليجي والعربي، حرص الشيخ نواف الأحمد على استمرار قنوات التنسيق والتشاور مع قادة الدول الخليجية والعربية في كل ما يخص القضايا العربية والخليجية.
وواصلت الكويت في عهد الشيخ نواف الأحمد جهودها في مجالات تقديم المساعدات التنموية لأكثر من 108 دول من خلال مؤسساتها المختلفة، وأبرزها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.