أحمد مراد (القاهرة)
أكد دبلوماسيون وخبراء أن المملكة العربية السعودية صاحبة دور فاعل وحضور مؤثر على المستويين الإقليمي والدولي، وتلعب دوراً عالمياً عبر شبكة واسعة من العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع غالبية دول العالم، ولم تبخل بأي جهد أو موارد أو مبادرات في تعاملها مع القضايا الإقليمية والدولية.
وأشاد الخبراء والدبلوماسيون، في تصريحات لـ«الاتحاد»، بالنهج السعودي في التعامل بجدية مع مختلف قضايا العالم، لافتين إلى إيلاء المملكة عناية خاصة بدعم الدول العربية والإسلامية، لاسيما على المستويين الإغاثي والإنساني.
وأوضحوا أن مشروعات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خلال الفترة بين عامي 2015 و2020 بلغت 1350 مشروعاً إنسانياً، شملت 53 دولة حول العالم، وجاء في مقدمة الدول المستفيدة اليمن، تليها فلسطين، ثم سوريا، وبعدها الصومال. وشدد السفير هاني خلاف، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية سابقاً، على أهمية الحضور السعودي الفاعل والمؤثر على المستويين الإقليمي والدولي، مؤكداً أن المملكة تلعب دوراً عالمياً عابراً للقارات عبر شبكة واسعة من العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع غالبية دول العالم.
وبحسب تصنيف المواقع المعنية بالشؤون الدبلوماسية، تأتي المملكة العربية السعودية في المركز الـ 30 عالمياً من حيث عدد البعثات الدبلوماسية في الخارج، وأكثر دولة عربية بعثات دبلوماسية في الخارج بنحو 183 بعثة في مختلف دول العالم.
وتضم البعثات الدبلوماسية السعودية في الخارج 158 سفارة، و18 قنصلية، و6 وفود، ومكتب تجاري واحد، وتتصدر قارة أفريقيا عدد السفارات السعودية بـ 49 سفارة، ثم أوروبا بـ 43، ثم آسيا بـ 37، ثم أميركا الشمالية والجنوبية بـ 24، وأخيراً قارة أستراليا بـ 5 سفارات.
وأوضح الدبلوماسي المصري لـ«الاتحاد» أن الدبلوماسية السعودية تتمتع بكفاءات وكوادر متميزة، ما يجعلها تتبوأ مراكز قيادية مؤثرة داخل منظمات المجتمع الدولي والوكالات الدولية المتخصصة.
وتحظى المملكة العربية السعودية الآن بمكانة دولية مرموقة، تظهر بشكل واضح من خلال عضويتها الفاعلة في هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، وحرصها على إنجاح الجهود الأممية لإحلال الأمن والسلام، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
نهضة اقتصادية
وقال المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري للشؤون العربية إن قيمة ومكانة المملكة العربية السعودية تكمن في دورها الإسلامي الكبير، منوّهاً إلى تعدد المؤسسات التي تقودها المملكة لترجمة التراث الإسلامي إلى اللغات والثقافات الأخرى، إضافة إلى مبادراتها الإنسانية والإغاثية والخيرية لتقديم المساعدات إلى العديد من الدول العربية والإسلامية.
وأكد السفير هاني خلاف، الدور الشامل والريادي للمملكة العربية السعودية في دعم قضايا العالم العربي، وفي هذا الإطار جاء دورها المهم في تأسيس جامعة الدول العربية في العام 1945، وجميع القضايا العربية، وأيضاً دورها في مجال دعم مشروعات النهضة الاقتصادية والعمرانية في عدد من الدول العربية.
وفي إطار حرص المملكة العربية السعودية على دعم العمل العربي المشترك، ورغبتها في تعزيز أواصر الترابط بين الدول العربية، جاء إعلان السعودية في مطلع عام 2020 عن تأسيس مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ويضم المجلس دول: السعودية، الأردن، مصر، السودان، جيبوتي، الصومال، واليمن.
مواقف مشرفة
ومن جانبه، أوضح الدكتور عمرو الديب، الخبير في شؤون العلاقات الدولية والتاريخ العالمي بجامعة لوباتشيفسكي الروسية، أن المملكة العربية السعودية منذ نشأتها وحتى الآن لا تتعامل مع القضايا العربية والإقليمية من منطلق الوسيط أو المحكم، ولكن دائماً ما كانت تتعاطى مع القضايا العربية والإسلامية والإقليمية وكأنها قضايا داخل المملكة نفسها، وهذا النهج في التعامل يعطي انطباعاً بالجدية في المساعي لحل هذه القضايا.
وأكد الدكتور الديب لـ«الاتحاد» أن المملكة لم تبخل بأي وقت أو جهد أو موارد خلال تعاملها مع القضايا العربية والإسلامية والإقليمية، ولا يمكن حصر أو سرد كل التجارب السعودية في تعاملها مع هذه القضايا، سواء تاريخياً أو في الوقت الحاضر، وذلك لكثرة هذه التجارب وتعدد مساراتها.
وفي سابقة تاريخية، تسلمت المملكة العربية السعودية في الأول من ديسمبر العام 2019 رئاسة مجموعة العشرين، وأصبحت أول دولة في المنطقة العربية تقود أكبر مجموعة دولية تشكل دولها 75% من حجم التجارة العالمية، و80% من الناتج الاقتصادي العالمي، وعُقدت قمة قادة مجموعة العشرين في الرياض خلال يومي 21 و22 نوفمبر 2019.
كما ترأست السعودية في مارس 2020 قمة استثنائية افتراضية لقادة مجموعة العشرين لتنسيق الجهود الدولية في مجال مكافحة جائحة كورونا، والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي، وتعهدت القمة الاستثنائية بضخ 5 تريليونات دولار لمواجهة تداعيات أزمة كورونا.
وحققت السعودية العديد من النجاحات خلال فترة رئاستها لمجموعة العشرين، حيث قدمت أكثر من 180 مبادرة دولية، وقدمت مساهمات تنموية لصالح الدول المتضررة من جائحة كورونا خلال ترؤسها للقمة الاستثنائية الافتراضية، بالإضافة إلى نجاحها في وضع استراتيجية عالمية موحدة لاحتواء آثار الفيروس، وعملت على التوصل إلى نظام ضريبي عالمي أكثر عدالة في العصر الرقمي.
ومنذ مشاركتها الأولى في اجتماعات قمة مجموعة العشرين خلال نوفمبر من العام 2008، تقوم المملكة العربية السعودية بدور مؤثر في دعم استقرار الاقتصاد العالمي، وتأتي السعودية في المرتبة الثالثة بين دول المجموعة من حيث الاحتياطيات الأجنبية بنحو 505.1 مليار دولار، بعد الصين واليابان، وتشكل الاحتياطيات الأجنبية للسعودية 6.2% من الاحتياطيات الإجمالية لدول المجموعة.
تحركات نشطة
أما الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، يوسف دياب، فأكد لـ«الاتحاد»، تميز السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية بالتوازن والفاعلية، وارتباطها بالتحركات النشطة في العديد من الملفات الإقليمية والدولية، لا سيما في مجال مواجهة التحديات والأزمات العالمية، ما منحها مكانة خارجية مرموقة تضاف إلى نجاحاتها وإنجازاتها الداخلية.
وشاركت المملكة العربية السعودية بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الجماعات الإرهابية، وفي هذا الشأن، استضافت خلال فبراير العام 2005 المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، وفي ديسمبر 2015 أعلنت تشكيل تحالف عسكري إسلامي من 41 دولة بقيادتها لمحاربة الإرهاب، بالإضافة إلى قيامها بدعم 38 مشروعاً تقيمها هيئة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب حول العالم.
وقال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني إن المملكة العربية السعودية شهدت خلال السنوات الماضية نقلة نوعية غير مسبوقة، وبالأخص مع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود مقاليد الحكم، وتولي سمو الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، ما ضاعف من حجم ومكانة المملكة، وتحولت من لاعب إقليمي على المستوى العربي إلى لاعب دولي مهم على المستوى العالمي، ونجحت خلال سنوات قليلة في ترسيخ هذا الدور، والآن تحرص غالبية دول العالم على إقامة علاقات استراتيجية شاملة مع المملكة.