أحمد مراد (القاهرة)

على مدى ما يقارب القرنين ونصف القرن، شكل الكونغرس الأميركي واحداً من أهم وأقوى السلطات التشريعية في العالم، ويوصف بأنه «سيد السياسة الأميركية» نظراً لأدواره المهمة والمتعددة في نظام الحكم.. فكيف تأسس؟، وكيف يُنتخب أعضاؤه؟، وماذا عن صلاحياته وسلطاته؟.

249 عاماً
قبل حصول الولايات المتحدة الأميركية على استقلالها عن التاج البريطاني بعامين، تأسس أول كونغرس أميركي خلال العام 1774، وعُرف باسم «كونغرس الثورة والمقاومة»، وكان من أبرز قراراته إقرار عيد الاستقلال في يوم الرابع من يوليو العام 1776، وبعدها بأعوام عدة، وتحديداً خلال 1789، جرت أول انتخابات لمجلس النواب الأميركي.
وجاء تأسيس الكونغرس وفقاً للمادة الأولى في الدستور الأميركي باعتباره يمثل السلطة التشريعية في نظام الحكم الديمقراطي، وتتكون السلطة من مجلسين: الأول مجلس النواب، والثاني مجلس الشيوخ.
ويوجد الكونغرس في مبنى الكابيتول في العاصمة «واشنطن»، وفيه يلتقي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ لعقد الجلسات، وغيرها من الأنشطة السياسية.
وفي الوقت الذي يُنتخب فيه الرئيس الأميركي من خلال المجمع الانتخابي، وليس من الشعب مباشرة، فإن الكونغرس هو السلطة الوحيدة التي ينتخبها الشعب مباشرة، على عكس السلطات الأخرى.

435 عضواً في «النواب»
يتألف مجلس النواب الأميركي من 435 عضواً يمثلون المناطق الانتخابية في جميع الولايات التي تُقسم إلى 435 مقاطعة كونغرس، وتنتخب كل مقاطعة نائباً واحداً يمثلها في مجلس النواب لمدة عامين فقط، حيث يعمل المجلس بنظام دورة كل عامين.
وتُعد ولاية كاليفورنيا الأكثر تمثيلاً في مجلس النواب الأميركي، بـ 53 نائباً باعتبارها أكبر الولايات من حيث عدد السكان، ويُشترط في كل مرشح لعضوية مجلس النواب أن يكون مواطناً أميركياً منذ 7 سنوات على الأقل، ومقيماً في الولاية التي تقع فيها الدائرة الانتخابية التي يترشح فيها، ويلتزم بألا يمارس أي وظيفة عامة في الخدمة المدنية أو الجيش خلال فترة العضوية، ويقوم المجلس بانتخاب زعيمه أو رئيسه

الصلاحيات والسلطات
حددت المادة الأولى في الدستور الأميركي وظائف وصلاحيات وسلطات الكونغرس، ومن بينها سن القوانين التي يكون موضوعها الضرائب، ومشاركة الرئيس في تعيين كبار الموظفين والقضاة، ومن حقه الاعتراض على التعيينات.
كما تشمل صلاحيات الكونغرس تعديل الدستور، وجمع الأموال العامة، وتوفيرها والإشراف على إنفاقها كما ينبغي، وإقالة أو عزل ومحاكمة الضباط الفيدراليين، بما في ذلك الرئيس نفسه، والمصادقة على المعاهدات التي تتفاوض عليها السلطة التنفيذية.
وفيما يتعلق بسن القوانين، فعندما توافق أغلبية مجلس النواب ومجلس الشيوخ على أن يصبح مشروع القانون قانوناً، يتم توقيعه وإرساله إلى الرئيس، ويجوز للرئيس أن يوقع على قانون الكونغرس ليصبح قانوناً، أو يمكنه الاعتراض عليه، ويمكن للكونغرس بعد ذلك تجاوز نقض الرئيس أو اعتراضه بتصويت ثلثي كل من مجلسي النواب والشيوخ، وحينها يصبح مشروع القانون قانوناً يؤخذ به من دون إقرار الرئيس، إذ حينها لا يكون للرئيس أي سلطة.
ويحق لمجلس النواب الأميركي التصويت على ميزانية الحكومة الفيدرالية، وتوجيه الاتهامات لعزل رئيس البلاد وقضاة المحكمة العليا، بالإضافة إلى حق إصدار مشاريع القوانين لزيادة الواردات، واختيار رئيس في الحالات التي لا ينال فيها أحد مرشحي الرئاسة أكثرية، وفي هذه الحالة يملك ممثل كل ولاية صوتاً واحداً.
ويقر مجلسا النواب والشيوخ معظم مشاريع القوانين بالموافقة الجماعية أو بتعليق الأحكام، وهما الأسلوبان الأسرع في عملية التشريع في مشاريع القوانين التي لا يوجد خلاف بشأنها، أما تلك التي تكون محل خلاف، فينظر فيها مجلس النواب وفقاً لضوابط تضعها لجنة الأنظمة والقواعد.

100 عضو في «الشيوخ»
يتألف مجلس الشيوخ من 100 عضو، بمعدل مقعدين لكل ولاية، ويُنتخب الأعضاء كل 6 سنوات، ويخضع المجلس لأغلبية أحد الحزبين الرئيسين في أميركا، وهما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، عندما يصل عدد مقاعد أحدهما إلى أكثر من 50 مقعداً، وبالتالي يسيطر على المجلس وقرارته، وهناك مناطق أميركية لا يوجد تمثيل لها في المجلس الشيوخ، مثل جزيرتي غوام وفيرجن.
ويتولى نائب الرئيس الأميركي رئاسة أو زعامة مجلس الشيوخ، ويدلي بصوته إذا تعادلت الأصوات عند الاقتراع على المشروعات والقوانين.

سباق كل عامين
تجرى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي «النواب والشيوخ» كل عامين، وتسمى بالانتخابات النصفية، لأنها تأتي في منتصف فترة ولاية الرئيس التي تمتد لأربعة أعوام.
وتحظى هذه الانتخابات بأهمية كبيرة لدى الشعب الأميركي لتأثيرها الكبير على الأجندة السياسية، وعلى الاتجاه الذي تسير نحوه البلاد خلال العامين اللاحقين للانتخابات، بالإضافة إلى أنها تكتسب أهمية خاصة عندما لا تتزامن مع انتخابات الرئاسة الأميركية.
وتُجرى انتخابات التجديد النصفي على كل مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعداً يمثلون جميع الولايات الأميركية بحسب حجمها السكاني، في حين يتم انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، ويعادل 35 مقعداً.

الرجل الثالث
يُعد الشخص الذي يشغل منصب رئيس مجلس النواب الأميركي ثالث أهم شخصية في السياسة الأميركية بعد الرئيس ونائبه، وفي حالة شغور منصب الرئيس، يأتي رئيس مجلس النواب في المرتبة الثانية لشغل المنصب الرئاسي بعد نائب الرئيس.
ويتمتع رئيس مجلس النواب بنفوذ سياسي قوي وسلطات عديدة، ودائماً ما يكون عضو أو رئيس الحزب الذي يتمتع بالأغلبية البرلمانية، وإلى جانب رئاسته لمجلس النواب يكون أيضاً زعيم الأغلبية في المجلس.
وتشمل صلاحيات رئيس مجلس النواب الأميركي وضع جدول الأعمال التشريعي للمجلس، وتحديد برنامج العمل، وإحالة مشاريع القوانين على اللجان المختصة، وإقرار المسائل الإجرائية، وطرح المواضيع للتصويت، وإعلان نتائج التصويت.
ويمكن لرئيس مجلس النواب، إنجاح أو إفشال أجندة الرئيس، وإحباط المعارضة، وقيادة أكبر المبادرات التشريعية للحزب الذي ينتمي له، وحشد أعضاء حزبه خلف أجندة الحزب.
ويتعين في أولى جلسات مجلس النواب، التصويت على انتخاب رئيس المجلس، ومن دون وجود رئيس لا يمكن للمجلس القيام بأي مهمة أخرى، بما في ذلك أداء الأعضاء للقسم، ويتطلب التصويت لرئيس المجلس أن يحصل المرشح على دعم أغلبية مجلس النواب بمعدل 218 صوتاً.
ولا يشارك رئيس مجلس النواب الأميركي في عضوية أي لجنة من اللجان الدائمة للمجلس، ولكن من حقه أن يصوت على مشاريع القوانين، وأن يشارك في مناقشات الأعضاء.