الاتحاد، وكالات (عواصم)

انتشل عمال الإنقاذ، أمس، رضيعاً يبلغ من العمر عشرة أيام ووالدته من تحت أنقاض مبنى منهار في تركيا، وأنقذوا أيضاً عدداً من الأشخاص من مواقع أخرى، وهو ما زاد من معنويات فرق البحث المنهكة، بينما قال الرئيس رجب طيب أردوغان إن السلطات كان ينبغي أن تتفاعل بشكل أسرع مع الزلزال الضخم الذي وقع الأسبوع الجاري.
وتجاوز عدد القتلى 23 ألف شخص في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، نتيجة الزلزال الذي لم تشهد المنطقة مثله على مدار العقدين الماضيين. وبات مئات الآلاف بلا مأوى يعانون من نقص الغذاء في ظروف الشتاء الصعبة.
وقالت وسائل إعلام رسمية إن الرئيس السوري بشار الأسد زار، بصحبة زوجته أسماء، مستشفى في حلب، وأعلن المناطق المتضررة من الزلزال مناطق منكوبة.
كما وافقت حكومته على توصيل مساعدات إنسانية تخترق خطوط المواجهة للحرب الأهلية الدائرة منذ 12 عاماً في البلاد في خطوة تعجل بوصول المساعدة لملايين الأشخاص. 
وزار أردوغان، أمس، منطقة أديامان «حصن منصور» التركية، وقال هناك إن استجابة الحكومة لم تكن بالسرعة المطلوبة. وقال الرئيس التركي: «على الرغم من أن لدينا أكبر فريق بحث وإنقاذ في العالم في الوقت الحالي، لكن الحقيقة هي أن جهود البحث ليست بالسرعة التي نريدها». وعمل رجال الإنقاذ، بما في ذلك فرق الإغاثة القادمة من عشرات البلدان، طوال الليل لرفع أنقاض آلاف المباني المنهارة. ووسط أجواء قارسة البرودة، تطالب فرق الإنقاذ بصورة متكررة الأفراد بالتزام الصمت للاستماع إلى أي صوت يدل على حياة من تحت الكتل الخرسانية.
وفي منطقة سامانداغ بإقليم هاتاي، زحف رجال الإنقاذ، أمس، تحت كتل خرسانية وهمسوا «إن شاء الله»، وهم يحاولون بحذر رفع الأنقاض وانتشلوا طفلاً رضيعاً يبلغ من العمر عشرة أيام.
وغطى رجال الإنقاذ الطفل ياجيز أولاس ببطانية، ونقلوه إلى مستشفى ميداني. وأظهرت لقطات مصورة عمال الطوارئ وهم يحملون والدته على نقالة، وهي في حالة ذهول وشحوب لكنها كانت واعية.
وفي مدينة ديار بكر بشرق تركيا، انتشل عمال الإنقاذ سباحات فارلي، البالغة 32 عاماً وابنها سرحات، ونقلوهما إلى المستشفى صباح أمس بعد مئة ساعة من وقوع الزلزال.
وعلى الحدود التركية مع سوريا، استخدم رجال الإنقاذ أيديهم للحفر حتى وصلوا إلى قدم فتاة صغيرة لا تزال على قيد الحياة. لكن الآمال تتلاشى في العثور على مزيد من الناجين بين الركام.
وفي بلدة جنديرس السورية، بدأ ناصر الوكاع في النحيب أثناء جلوسه على كومة من الركام والمعدن الملتوي، حيث كان يقع منزل عائلته، واحتضن ملابس كانت تخص أحد أطفاله.
وقال صارخاً: «بلال يا بلال» في إشارة إلى أحد أبنائه المتوفين.
وتجاوزت حصيلة قتلى الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة والهزات الارتدادية القوية في كلا البلدين العدد المسجل في زلزال مماثل ضرب شمال غرب تركيا في 1999 وأودى بحياة أكثر من 17 ألفاً.
ويصنَف الزلزال حالياً في المرتبة السابعة بين أكثر الكوارث الطبيعية فتكاً هذا القرن، متجاوزاً زلزال وتسونامي اليابان عام 2011 ومقترباً من إجمالي ضحايا زلزال وقع في إيران المجاورة في 2003 وأودى بحياة 31 ألف شخص. وقال أردوغان إن عدد القتلى ارتفع إلى زهاء 20 ألفاً أمس. ولقي أكثر من 3300 شخص حتفهم في سوريا جراء الزلزال، لكن رجال الإنقاذ قالوا إن كثيرين لا يزالون تحت الأنقاض.
ووفقاً لمسؤولين أتراك والأمم المتحدة فقد تضرر نحو 24.4 مليون شخص في سوريا وتركيا في منطقة تمتد على مسافة 450 كيلومتراً من أضنة في الغرب إلى ديار بكر في الشرق. وفي سوريا، أودى الزلزال بحياة أشخاص حتى حماة التي تبعد 250 كيلومتراً من مركز الزلزال.
وأقام كثيرون ملاجئ لهم في مواقف سيارات المتاجر الكبرى أو في المساجد أو على جوانب الطرق أو حتى وسط الأنقاض. وتشتد حاجة الناجين إلى الطعام والماء ووسائل التدفئة، إلى جانب ندرة المراحيض في المناطق الأكثر نكبة. وقالت وسائل إعلام رسمية إن توصيل المساعدات في سوريا عبر خطوط المواجهة، وهو ما اتفق عليه أمس، سيتم بالتعاون مع الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري.
ووصلت عشرات الطائرات المحملة بالمساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية منذ يوم الاثنين.