أحمد عاطف (الخرطوم، القاهرة)

أوصى مؤتمر «اتفاق جوبا للسلام» في السودان، بنبذ خطاب الكراهية والتعصب وإعلاء قيم التسامح والتعاون.
جاء ذلك في اختتام أعمال المؤتمر الذي استمر 4 أيام في إطار المرحلة النهائية للعملية السياسية الدائرة لإنهاء الأزمة في البلاد، برعاية «الآلية الثلاثية» التي تضم الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد».
وأوصى المؤتمر في بيانه الختامي، بإنشاء المفوضية الخاصة بالرعاة والرُحل الواردة في اتفاقية السلام، مؤكداً «المكاسب التي تضمّنها الاتفاق للنازحين واللاجئين، خاصة قضايا العودة الطوعية والتوطين في مناطقهم الأصلية».
كما أوصى المؤتمر بـ«إجراء التعداد السكاني، والتعويض وجبر إصلاح الضرر، وإعادة الإعمار والعدالة الانتقالية، والتحضير للانتخابات، وعقد المؤتمر الدستوري».
وشدد على ممارسة كل الحقوق المدنية والسياسية للنازحين واللاجئين على أساس المواطنة المتساوية.
ودعا المؤتمر «الحكومة الانتقالية المقبلة إلى وضع قضايا النازحين واللاجئين في سلّم أولوياتها، بما فيها تشكيل الآليات المرتبطة بقضاياهم وإدماجهم في المشروعات الاقتصادية والتنموية».
من جانب آخر، أكد المؤتمر معالجة القضايا المستدامة لقضايا الرُحل والرعاة والمزارعين، وفق خطة قومية تشترك فيها كل مؤسسات الدولة ذات الصلة في مجالات التعليم والصحة والثروة الحيوانية والزراعية. وسعياً منه لإنهاء الأزمة في البلاد، ناشد المؤتمر في بيانه «أطراف السلام من القوى غير الموقعة على الاتفاق الإطاري تحكيم صوت العقل والمشاركة في العملية السياسية النهائية».
ويُعد السلام إحدى قضايا الاتفاق النهائي التي اتفقت عليها الأطراف المدنية والعسكرية، إلى جانب قضايا العدالة، والعدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، ومراجعة وتفكيك نظام 30 يونيو 1989، وقضية شرقي السودان.
إلى ذلك، أكد سفير الاتحاد الأفريقي بالسودان، محمد بلعيش مواصلة «الآلية الثلاثية» في جهودها مشاوراته مع أطراف السلام غير الموقعة على الاتفاق الإطاري لإلحاقهم بالعملية السياسية.
وقال السفير بلعيش، في تصريح صحفي أمس: إن «الآلية الثلاثية حريصة على أن تكون الحركات غير الموقعة على الاتفاق الإطاري جزءاً من التوقيع النهائي للعملية السياسية».
وأضاف أن الهدف من انعقاد مؤتمر اتفاق جوبا للسلام ليس تعديل أو إلغاء الاتفاق وإنما لتعزيزه وحشد كل الإمكانات الكفيلة لتنفيذه، مبيناً أن المؤتمر التزم بهذا الهدف ومضى في اتجاه التمسك بالسلام وتعزيز آليات تنفيذ اتفاق جوبا للسلام.
وأعرب بلعيش الذي تحدث نيابة عن الآلية الثلاثية عن أمله في أن يصل السودانيون إلى اتفاق نهائي يؤدي إلى حكومة مدنية ديمقراطية ذات مصداقية تكون مسؤولة عن خدمة مصالح السودان.
وقال بلعيش: إن «أوضاع النازحين واللاجئين والمجتمعات المحلية التي تضررت من الحرب تحتاج إلى عناية خاصة وتلبية احتياجاتهم لينعموا بالسلام والاستقرار».
واعتبر خبراء ومحللون سياسيون في تصريحات لـ«الاتحاد» أن التحذيرات الدولية لأي محاولة لتقويض العملية السياسية تهدف إلى تفادي إثارة مزيد من عدم الاستقرار، لا سيما وسط الأزمات الاقتصادية والسياسية الداخلية.
وأضاف الخبراء أن المصالحة والتوافق لن يتما إلا بإبعاد أي وساطة خارج النطاق العربي والإفريقي، مطالبين بعدم تدخل السفارات الغربية، معتبرين أن هذا التدخل يقوض السلم والعملية السياسية.
وأوضح المحلل السياسي السوداني أُبي عزالدين عوض أن دول «الترويكا» تحاول التدخل في الشأن السوداني بصورة انحيازية وستزيد تعقيدات الوضع على الأرض، وتحاول ضمان سيطرة بعض التيارات السياسية على المشهد كي تستفيد منه اقتصادياً عند تشكيل البرلمان.
واعتبر أبي عز الدين خلال حديثه لـ«الاتحاد»، أن «الترويكا» لا يهمها في الشأن السوداني سوى توفير بيئة آمنة للاستثمار الأوروبي على حساب الاستثمارات الآسيوية والروسية والشرق أوسطية، معتبراً أن «العملية السياسية في حد ذاتها لا تهمها، بدليل أنها لم تحث طوال السنوات الأربع الماضية الأطراف على إجراء الانتخابات، علماً بأن موعدها بحسب الوثيقة الدستورية كان العام الماضي 2022».
وتوقع المحلل السياسي السوداني ألا يكون هناك أي استقرار في السودان ما لم تجر انتخابات بمشاركة جميع القوى السياسية دون إقصاء لأي مكون وطني.
بدورها، اعتبرت أستاذ العلوم السياسية الدكتورة هبة البشبيشي، أن تفاصيل إدارة ملف المصالحة والاتفاق الإطاري بها بعض العراقيل، وكذلك التضارب بسبب بعض عناصر المصالحة التي تحاول منع عودة رموز نظام البشير.
وقالت البشبيشي لـ«الاتحاد»، إن «الأمر في غاية الخطورة ولا مجال لترك السودان ينزلق لهوة جديدة، ولا بد من استمرار الحوار ودعم آليات التحول الديمقراطي ودعم العملية الانتخابية والمشاركة المجتمعية لكل الأطياف».