دينا محمود (لندن)
في الوقت الذي ينشغل فيه كثيرون بالتهديد الإرهابي المتفاقم في منطقة الساحل الأفريقي الواقعة غربي القارة السمراء، يدق محللون وخبراء أجراس الإنذار، للتحذير من نذر الخطر الذي يحدق بالجزء الشرقي من أفريقيا، لا سيما في ظل تصاعد الهجمات التي تشنها هناك، حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم القاعدة، وتنظيمات دموية أخرى.
ويشدد الخبراء على أن هذه الحركة، التي تُصنّف على أنها الجناح الأكثر تمويلاً وعنفاً لـ «القاعدة»، لا تزال تمثل المصدر الرئيس للتهديد في منطقة القرن الأفريقي، وشرق القارة بوجه عام، وذلك بالرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة الصومالية وداعموها الأفارقة والغربيون، لاحتواء ذلك الخطر.
فبعد شهور من إطلاق حملة حكومية عشائرية في الصومال، لكبح جماح تلك الحركة الإرهابية، وهو ما تزامن مع إعلان مسؤولين سياسيين وعسكريين في مقديشو، أن عام 2023 سيشهد دحر مسلحي «الشباب»، رد هؤلاء بتفجيرين انتحارييْن، وقعا مطلع الشهر الجاري وسط البلاد، وأوقعا عدداً كبيراً من القتلى.
ويتسم الخطر الذي تمثله هذه الحركة الإرهابية، بطابع أكثر تعقيداً، بالنظر إلى قدرتها على تجنيد مسلحين من دول مجاورة للصومال، مثل إثيوبيا وكينيا، فضلاً عن قدراتها المادية، التي تساعدها على شراء أسلحة من السوق السوداء، جنباً إلى جنب مع تلقيها عتاداً من جناح «القاعدة» في اليمن.
وتُموِّل الحركة الإرهابية أنشطتها في هذا الشأن، من خلال فرض إتاوات على سائقي الشاحنات، التي تمر في الطرق التي يسيطر عليها إرهابيوها في الصومال، وهو ما يتيح لها الفرصة، لتنفيذ اعتداءات واسعة النطاق، سواء في الداخل الصومالي، أو في دول الجوار، كأوغندا وكينيا وغيرهما.
من جهة أخرى، تواجه السلطات الحاكمة في أوغندا، هجمات يشنها إرهابيون على صلة بمسلحين تابعين لتنظيم «داعش» الدموي، في دول وسط أفريقيا، يتحرك بعضهم عبر الحدود.
وفي تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لمعهد «جيتستون» الأميركي للأبحاث والدراسات، حذر المسؤول السابق بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) لورانس إيه. فرانكلين، من أن خطر حركة «الشباب» والتنظيمات الدموية الأخرى الناشطة في شرق القارة السمراء، لا يقتصر على منطقة القرن الأفريقي فحسب، بل يمكن أن يمتد إلى الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
فـ «الشباب» سبق أن بحثت، كما يقول فرانكلين، إمكانية شن هجوم على التراب الأميركي، على شاكلة تماثل ما حدث في هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، التي ضربت واشنطن ونيويورك عام 2001.
ويشير المسؤول السابق، الذي خدم من قبل في صفوف الجيش الأميركي، إلى أن التهديد الذي تمثله «الشباب»، يترافق مع مخاطر ناجمة عن أنشطة تنظيمات متشددة أخرى، تحاول أن تؤمن لنفسها موطئ قدم في دول أفريقية، مثل موزمبيق الواقعة على الساحل الشرقي للقارة، المطل على المحيط الهندي.
ويقول فرانكلين إن تلك الحركات الإرهابية، تحاول جعل هذا البلد قاعدة لعملياتها، حتى يتسنى لها إرسال خلايا مسلحة انطلاقاً منه، إلى دول تقع في المحيط الهندي، مثل جزر القمر ومدغشقر وموريشيوس وسيشل.
كما أن خطر اتساع رقعة نفوذ الإرهابيين في موزمبيق، قد يمتد في نهاية المطاف، إلى بلدان تقع في المناطق الجنوبية من القارة، وهو ما حدا بدولة مثل جنوب أفريقيا، إلى إرسال مساعدات لمكافحة الإرهاب، بل وقوات أيضاً، لمواجهة الإرهابيين الناشطين في هذه المستعمرة البرتغالية السابقة.