أسماء الحسيني (الخرطوم)

رحبت دول مجموعة «الرباعية» و«الترويكا» (الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، ومملكة النرويج) بتوقيع قادة المكون العسكري وأكثر من 50 من القوى المدنية في السودان، أمس، اتفاقاً سياسياً إطارياً لإدارة المرحلة الانتقالية. 
وذكرت دول مجموعة الرباعية و«الترويكا» في بيان مشترك أن «هذا الاتفاق يعد خطوة مهمة نحو بناء حكومة بقيادة مدنية وإيضاح الترتيبات الدستورية التي ستقود السودان خلال فترة انتقالية تنتهي إلى انتخابات».
وأضافت: «ننوه بجهود الأطراف لحشد الدعم لهذا الاتفاق الإطاري من نطاق واسع من الفاعلين السياسيين السودانيين، وندعوهم إلى حوار شمولي مستمر حول مختلف الموضوعات المهمة والتعاون لبناء مستقبل السودان».
وحثت دول مجموعة «الرباعية» و«الترويكا» الشخصيات الفاعلة في السودان على الانخراط في هذا الحوار بشكل عاجل وبحسن نية، مشيدةً بإعلان المكون العسكري الواضح الابتعاد عن العملية السياسية والانخراط بشكل بناء في الحوار القائم.
وأشارت إلى أن هذا الجهد المنسق لإنهاء المفاوضات والوصول إلى اتفاق بشكل عاجل لبناء حكومة بقيادة مدنية مهم لمعالجة التحديات الطارئة السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية التي يواجهها السودان ولاستئناف المساعدات الدولية التنموية، وتعزيز التعاون بين حكومة السودان والشركاء الدوليين.
وأكدت دول مجموعة «الرباعية» و«الترويكا» أنها تعمل مع الشركاء لتنسيق الدعم الاقتصادي المهم لحكومة ديمقراطية بقيادة مدنية للمساعدة في معالجة التحديات التي يواجهها الشعب السوداني.
ووقع قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي» وممثلون من تحالف قوى «الحرية والتغيير» وعدد من الأحزاب والتنظيمات والتجمعات المهنية والحركات المسلحة، أمس، «اتفاقاً إطارياًَ» الذي يتضمن فترة انتقالية سياسية بقيادة مدنية مدة عامين، يقتصر فيها دور الجيش على مجلس للأمن والدفاع يرأسه رئيس الوزراء.
إلا أن الاتفاق لا يحدد موعداً للتوصل إلى اتفاق نهائي، ويترك مصير قضايا حساسة، منها العدالة الانتقالية، وإصلاح القطاع الأمني والعسكري وتقويم اتفاق جوبا للسلام، وتفكيك مؤسسات النظام السابق لمزيد من النقاش.
 وردد البرهان، خلال خطابه أثناء مراسم توقيع الاتفاق هتاف «العسكر للثكنات»، وقال: «إن الاتفاق يعني توافقاً على قضايا وطنية لا بد من وضع حلول لها بمشاركة واسعة من القوى السياسية»، مضيفاً أن «من واجبهم الالتزام بالمهنية العسكرية التي تعني اعتراف العسكريين بالقيادة السياسية للمدنيين».
وجدد بهذه المناسبة التزامه بالمضي قدماً في إنجاز ما تم الاتفاق عليه، وإكمال الانتقال للوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة.
من جهته، رأى قائد قوات الدعم السريع «حميدتي» في كلمة له، أن الاتفاق هو خطوة أولية وأساسية لمعالجة الأخطاء السياسية واختلالات الدولة، وبناء دولة العدالة الاجتماعية، والحكم الراشد، والسلام المستدام، والديمقراطية.
وأشاد في هذا المجال بانسحاب المؤسسة العسكرية من السياسة، باعتبار أن ذلك أمر «ضروري لإقامة نظام ديمقراطي مستدام وبناء جيش قومي مهني ومستقل عن السياسة، بالإضافة إلى إجراء إصلاحات عميقة في المؤسسة العسكرية تؤدي إلى تشكيل جيش واحد يعكس التنوع في السودان، ويحمي النظام الديمقراطي».
وسلط «حميدتي» الضوء على وجود تحديات حالية تتطلب معالجة عاجلة من الحكومة القادمة، وهي قضايا الاقتصاد ورواتب الموظفين والأمن وسيادة حكم القانون، ونشر وتعزيز التعايش والسلام الاجتماعي ومواجهة خطاب الكراهية والعنصرية والجهوية.
بدوره، قال ممثل القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الواثق البرير في كلمته «إن الاتفاق يهدف إلى استعادة الحكم المدني الديمقراطي في البلاد، وإكمال مهام ثورة ديسمبر ومقاصدها، بحيث يتم إنهاء ظاهرة الشمولية وإقامة سلطة مدنية كاملة، وتأسيس سلطة مدنية بالكامل، وإرساء العدالة الانتقالية، وعدم الإفلات من العقاب».
وأعلن البرير التزام القوى المدنية بمناقشة القضايا الأربع، وصولاً لاتفاق سياسي شامل، والاتفاق على مرجعية دستورية تقنن لفترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات.
أما ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس، فأعرب عن أمله في أن يترجم الاتفاق لواقع عملي، خاصة فيما يخص الحريات وحقوق الإنسان، مضيفاً «من المهم أن تبدأ المرحلة الثانية على الفور لحسم النقاش حول القضايا المؤجلة». ورأى بيرتس «أن الاتفاق ليس مثالياً لكنه يوفر أساساً جيداً للبدء في استعادة الحكم المدني، وآمل أن يمهد لتشكيل سريع لحكومة مدنية تعالج الوضع الأمني والاقتصادي»، لافتاً إلى أن السودان يحتاج إلى حكومة متفق عليها لإدارة حوار شامل واستكمال السلام الشامل.
من جهته، رحب ممثل الاتحاد الأفريقي في السودان محمد بلعيش بهذه الخطوة التي ذكر أنها «ستسهم في تحقيق تطلعات السودانيين إلى تحول ديمقراطي مدني كامل، وأن تتوج العملية السياسية بحل نهائي، وتشكيل حكومة كفاءات»، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة الجديدة لمواجهة التحديات والانتقال لسودان جديد. 
ورحبت قوى وشخصيات عديدة بتوقيع «الاتفاق الإطاري»، واعتبرته يمهد لاستعادة المسار الانتقالي وعودة الحكم المدني وإخراج السودان من مأزقه الحالي، وحقن الدماء وإنهاء حالة الصراع التي يعيشها، والتي انعكست على جميع أوضاعه.
وقالت زينب الصادق المهدي القيادية في قوى الحرية والتغيير لـ«الاتحاد»، إن الاتفاق الإطاري يؤسس للاتفاق النهائي الذي سيوقع في غضون الأسابيع المقبلة، مشيرةً إلى أن القضايا الرئيسية ستتم مناقشتها بالتشاور مع أصحاب المصلحة من كافة قوى الثورة.
وأكدت أن قوى الحرية والتغيير ستلتزم بالشفافية في الالتزام بالعهود وصون الحقوق، وستعمل على الاستفادة من التجارب السابقة.
بدوره، قال صلاح جلال، القيادي في حزب الأمة القومي لـ«الاتحاد»، إن الاتفاق أعطى قوة دفع كبيرة لإقامة حكم مدني بالكامل، وأعطى أمل بأن هناك ضوءاً في نهاية النفق، مضيفاً أن هناك عملاً كثيراً لإنجازه خلال الأسبوعين القادمين، لإنجاز حكومة جديدة مع نهاية العام.
وقال القيادي الاتحادي محمد المعتصم حاكم لـ«الاتحاد»، إن «الاتفاق الإطاري» مقبول وخطوة إيجابية لكنها غير مكتملة، من دون الحوار مع كافة القوى السياسية الفاعلة وإشراكها دون إقصاء لأحد إلا الذين يواجهون قضايا جنائية.
كما أكد الكاتب والمحلل السياسي السوداني صديق دلاي لـ«الاتحاد»، أن توقيع الاتفاق بداية لتسوية تجلب للسودان العديد من الفوائد، في مقدمتها منع الحرب الأهلية ووقف سفك الدماء، وإعادة الحكم المدني والمسار الانتقالي.
وقال الكاتب والمحلل السياسي السوداني عبد الباقي جبارة لـ«الاتحاد»، إن الاتفاق الإطاري هو «فن الممكن» لإنهاء الانقلاب، وهو مخرج للجميع، ويحتاج إلى حراسة من الجميع.

«التعاون الخليجي»: خطوة مهمة
رحب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور نايف الحجرف، بالبيان المشترك للاتفاق على إطار سياسي مبدئي في المرحلة الانتقالية، معتبراً أنه يُعد خطوة مهمة نحو بناء حكومة سودانية بقيادة مدنية وفق الترتيبات الدستورية للوصول إلى فترة انتقالية تنتهي بانتخابات، ستسهم في تحقيق تطلعات الشعب السوداني. وأكد الحجرف استمرار موقف مجلس التعاون الثابت والداعم لكل ما من شأنه تحقيق السلام، وصون الأمن والاستقرار والنماء في السودان، ودعم المجلس لـ«الآلية الثلاثية» في تسهيل الحوار والمباحثات بين أطراف المرحلة الانتقالية في جمهورية السودان.
بدوره، أكد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، التزام الجامعة الكامل بدعم جميع الجهود الوطنية التي تحقق تطلعات الشعب السوداني نحو الاستقرار، وإرساء قيم الدولة الحديثة والرشيدة.
وأشار أبو الغيط، في بيانٍ، إلى أن هذا الاتفاق يُعَدّ إنجازاً مهماً على طريق العبور بالبلاد من المرحلة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار السياسي والاقتصادي، داعياً المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم اللازم للسودان، بما في ذلك استئناف مؤسسات التمويل الدولية برامجها الإنمائية المختلفة في البلاد.

«الآلية الثلاثية» تدعو المانحين الدوليين لاستئناف دعمهم المالي
رحبت الآلية الثلاثية المسهلة لعملية الحوار بين الفرقاء السودانيين بتوقيع الاتفاق الإطار السياسي بين القوى السياسية المدنية والمؤسسة العسكرية في السودان. وقالت الآلية في بيان لها أمس، إن الاتفاق يمثل خطوة أولى حاسمة نحو استعادة فترة انتقالية مستدامة وتشكيل حكومة مدنية وديمقراطية وخاضعة للمساءلة وذات مصداقية. وشددت على أهمية البدء في العمل من دون تأخير في المرحلة الثانية من العملية بإجراء مشاورات واسعة النطاق لمعالجة القضايا العالقة التي ضمنها الموقعون على اتفاق الإطار السياسي، وتشمل هذه القضايا العدالة والعدالة الانتقالية، وإصلاح قطاع الأمن، ووضع لجنة التفكيك، واتفاقية جوبا للسلام، والاقتصاد، والشرق، داعية القوى السياسية التي لم توقع بعد على الاتفاق الإطاري للانضمام إلى العملية السياسية.
كما دعت «الآلية الثلاثية» السلطات الانتقالية إلى الالتزام باحترام وحماية حقوق وحريات جميع السودانيين لضمان نجاح العملية السياسية الجارية، وأيضاً مجتمع المانحين الدوليين إلى استئناف دعمه المالي بالكامل بمجرد تشكيل حكومة فاعلة.

5  بنود رئيسية قابلة للتطور
يتكون «الاتفاق الإطاري» من 5 بنود رئيسية هي: «المبادئ العامة، قضايا ومهام الانتقال، هياكل السلطة الانتقالية، الأجهزة النظامية، وقضايا الاتفاق النهائي».
واتفقت الأطراف السودانية على أن «يتم تطوير الاتفاق الإطاري بمشاركة جماهيرية واسعة من أصحاب المصلحة والقوى الموقعة على الإعلان السياسي وقوى الثورة في 4 قضايا رئيسية تحتاج لمزيد من التفصيل للوصول لاتفاق نهائي». وهذه القضايا هي: 
- أولاً: العدالة والعدالة الانتقالية.
- ثانياً: الإصلاح الأمني والعسكري.
- ثالثاً: اتفاق جوبا للسلام وإكمال السلام.
- رابعاً: تفكيك نظام الرئيس المخلوع عمر البشير.
وينص الاتفاق على:
- السلطة الانتقالية سلطة مدنية. ديمقراطية كاملة دون مشاركة القوات النظامية.
- دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية المتفق عليها.
- حظر تكوين ميليشيات عسكرية أو شبه عسكرية، ويحظر مزاولة القوات المسلحة الأعمال الاستثمارية والتجارية ما عدا تلك التي تتعلق بالتصنيع الحربي والمهمات العسكرية وفقاً للسياسة التي تضعها الحكومة الانتقالية.
وحول أزمة الشرق، نص الاتفاق على الالتزام بحل أزمة شرق السودان ضمن الحقوق الدستورية لمواطني الإقليم ومشاركة جميع أصحاب المصلحة ضمن العملية السياسية الجارية.