دينا محمود (لندن)
مشهد معقد تمخضت عنه انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأميركي، التي أُجريت ليلة الثلاثاء/الأربعاء، فالجمهوريون لم يحققوا الانتصار الهائل الذي كانوا يحلمون به، وتكبد الديمقراطيون في الوقت نفسه خسائر لا تُنكر، ستفقدهم السيطرة غالباً، على واحدٍ على الأقل من المجلسيْن.
فحتى هذه اللحظة، لا يزال الغموض يكتنف هوية الحزب صاحب الأغلبية في مجلس الشيوخ، في حين يُنذر الهامش الضئيل من المقاعد، الذي يتفوق به الجمهوريون في مجلس النواب، بجعل مسألة تمريرهم لمشروعات القوانين، أمراً خاضعاً لمساومات بين المعتدلين والمتشددين في صفوفهم.
ووفقاً لمتابعي الشأن الأميركي، تفتح نتائج انتخابات الثامن من نوفمبر الباب، أمام حالة من الجمود على الصعيديْن الحكومي والتشريعي، على مدار السنتين المتبقيتين من عهد إدارة بايدن، على ضوء أن الحزبين الكبيرين؛ سيعجزان عن القيام بأي تحولات جذرية على الساحة الداخلية، وسط توقعات بمواجهات محتملة، بين البيت الأبيض الديمقراطي والكونجرس ذي المسحة الجمهورية.
وفي تصريحات نشرتها شبكة (سي إن إن) الإخبارية الأميركية على موقعها الإلكتروني، قال جرانت ريهير، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيراكيوز بولاية نيويورك، إن الوضع السياسي في الولايات المتحدة، سيبقى في حالة ركود لمدة عامين، إلى أن يحين موعد العودة للاحتكام للناخبين الأميركيين، لاختيار رئيس جديد للبلاد في أواخر 2024.
واعتبر ريهير أنه يمكن وصف نتائج الانتخابات النصفية، بـ «اللا نتائج» على الإطلاق، في ظل ما اتسمت به من تقارب، وهو ما سيجعل من الضروري الانتظار للعام السابق مباشرة للانتخابات الرئاسية، للتعرف على طبيعة التوجه السياسي، الذي سيفضله الأميركيون في ذلك الحين.
ويشدد المحللون الأميركيون، على ضرورة أن يستخلص الجمهوريون والديمقراطيون الدروس، من خيبة الأمل التي مُني بها كلاهما في انتخابات الكونجرس الأخيرة.
كما أن النتائج برهنت في الوقت نفسه، على أنه لم يكن يجدر بالديمقراطيين، التقليل من شأن المخاوف التي ساورت الناخبين الأميركيين طيلة العامين الماضيين، بشأن ملفات داخلية عدة، على رأسها ارتفاع التضخم، وتزايد معدلات الجريمة، بجانب الوضع الذي يُوصف بالمنذر بالخطر على الحدود الجنوبية مع المكسيك.
المفارقة، برأي المحللين، أن بايدن وترامب المختلفيْن في كل شيء تقريباً، اتفقا على أن نتائج انتخابات الثامن من نوفمبر، لا ينبغي أن تثير قلق أي منهما. فالرئيس الديمقراطي، سارع بالإشادة بما تمخضت عنه العملية الانتخابية، والاحتفال بما اعتبره إحباطاً لـ «موجة مد حمراء» كان يحلم خصومه بأن تكتسح الكونجرس الذي كان خاضعاً لـ «أغلبية زرقاء».
غير أن بايدن ترك الإجابة عن سؤال إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة معلقة، بقوله إن لديه النية لخوض غمار السباق، ولكنه لن يؤكد قراره الأخير في هذا الصدد، سوى في مطلع العام المقبل، مشيراً إلى أن حسم الأمر يرتبط بـ «قرار عائلي»، وذلك في ظل استطلاعات للرأي، تفيد بتراجع شعبيته في أوساط الناخبين الأميركيين.
أما الملياردير الجمهوري، الذي كان حاضراً بقوة في التجمعات الانتخابية للكثير من المرشحين لاقتراع الثامن من نوفمبر، فقد شدد على أن نتائج انتخابات التجديد النصفي، التي أشارت إلى خسارة بعضٍ ممن أبدى دعمه العلني لهم، لن تؤثر على خططه المتعلقة، بما إذا كان سيحاول العودة إلى البيت الأبيض بعد عامين من الآن، من عدمه.
وربما يعول ترامب في هذا الإطار، على أن عدداً من مرشحيه المفضلين، قد فازوا في الانتخابات النصفية بالفعل، مُقللاً على ما يبدو، من شأن التهديد الذي قد يواجهه، من النجم الساطع في صفوف حزبه؛ حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، الذي أُعيد انتخابه في منصبه في اقتراع الثلاثاء، وسط مؤشرات، على اعتزامه السعي لنيل بطاقة الترشح عن الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة المقبلة.