هدى جاسم (بغداد)
يصنف العراق ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم، إذ احتل المرتبة 157 عالمياً بين 180 دولة ضمن مؤشرات «مدركات الفساد» الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية العام الماضي، فيما يعترف جميع المسؤولين العراقيين بأن حجم الفساد أصبح متفاقماً بشكل كبير رغم أن كافة الحكومات المتعاقبة وضعت ضمن أولويات برنامجها مكافحة الفساد.
ولم تكن «سرقة القرن» كما يطلق عليها العراقيون والتي فاقت الملياري دولار هي الأولى من نوعها، لكنها كشفت طرقاً يسلكها العديد من كبار الفاسدين للسيطرة على موارد البلاد ومنها الضرائب.
وكانت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت قد أكدت أمام مجلس الأمن الدولي على أن «الفساد سمة أساسية في الاقتصاد السياسي في العراق، وهو جزء من المعاملات اليومية».
ومؤخراً أطلق رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، مصطلح «جائحة الفساد» وعدّه تهديداً خطيراً للدولة العراقية.
واعتبر خبراء ومحللون سياسيون في تصريحات لـ «الاتحاد» أن سلاح الميليشيات المنفلت عمق أزمة الفساد، مشيرين إلى أن أي مواجهة مباشرة تتطلب تعديل آليات عمل النظام السياسي برمته، وهذا ما أكده المحلل السياسي ونائب رئيس مركز «حلول للدراسات المستقبلية» مازن صاحب الشمري بقوله: إن الانسداد السياسي الذي طال بعد الانتخابات الأخيرة مثال واضح على عدم توفر الإرادة السياسية لدى الأحزاب لمكافحة الفساد، مشيراً إلى أنه لا يمكن تحميل الأجهزة الرقابية تلك المسؤولية دون وجود قرار توافقي على عدم حماية الفاسدين وإغلاق لجانهم الاقتصادية التي تتربح من المال العام.
وألقت حالات الفساد على مدار السنوات الماضية بظلالها على جميع المستويات وأولها الاقتصادية ومن ضمنها المشاريع الاستثمارية.
وأكد الدكتور لؤي الخطيب الوزير العراقي السابق والباحث في الاقتصاد والطاقة في جامعة كولومبيا بنيويورك، إنه منذ تغيير نظام صدام حسين عام 2003 وحتى الآن فشل النظام السياسي في خلق البديل الأمثل أمنياً واقتصادياً.
وقال في تصريح لـ«الاتحاد»: إن الاقتصاد الريعي لازال يضرب أطنابه في العراق ويؤخر تقدم العملية التنموية، معتبراً أن الأمن الاجتماعي لازال مهدداً من المحاصصة السياسية واقتصاديات الأحزاب والحكم الفئوي الذي تنتهجه، مما زاد من معدلات الفساد وسوء الإدارة إلى مستويات غير معهودة.