هدى جاسم (بغداد)
وسط إجراءات أمنية مشددة وقطع للجسور الرئيسة القريبة من «المنطقة الخضراء»، تظاهر آلاف العراقيين في ساحة التحرير وسط بغداد، مطالبين بالتغيير الشامل لنظام الحكم في العراق، ورافضين مبدأ «المحاصصة» الذي تشكلت وفقه الحكومات منذ العام 2003، ومن المتوقع أن تتشكل على أساسه الحكومة المقبلة برئاسة رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني. وتزامنت التظاهرات مع حشد القوى السياسية جهودها، لإكمال تشكيل الحكومة. وانطلقت التظاهرات، التي دعت لها حركة «تشرين» الاحتجاجية، لإحياء الذكرى الثالثة لانطلاق احتجاجات 25 أكتوبر 2019، رافعين شعارات وهتافات تطالب بـ«إسقاط النظام». وكانت لجنة «تظاهرات تشرين» أمهلت القوى السياسية العراقية حتى 25 أكتوبر الجاري لإنهاء العملية السياسية الراهنة، وهددت باتخاذ إجراءات «تصعيدية». وطالبت اللجنة المركزية للتظاهرات بـ«تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة بإشراف أممي، على ألا يكون فيها أي من شخصيات العملية السياسية والحزبية التي قادت البلد خلال السنوات الماضية».
وأفاد شهود عيان بأن عناصر أمنية سعت إلى الحيلولة دون وصول مئات الأشخاص إلى ساحة التحرير.
وذكر الشهود أن عناصر أمنية طاردت بعض المتظاهرين في الشوارع المؤدية إلى ساحة التحرير، وفي محيط جسر الجمهورية، فيما سعى المتظاهرون إلى المشاركة في إحياء المظاهرات. وتوافدت أعداد كبيرة من المتظاهرين إلى شوارع بغداد للوصول إلى ساحة التحرير.
وشهدت مدينة بغداد وعدد من المحافظات العراقية، أمس، مظاهرات شعبية لإحياء مظاهرات عام 2019 التي استمرت عدة أشهر وراح ضحيتها عشرات آلاف بين قتيل وجريح.
وفي 2019، اكتظت ساحة التحرير بآلاف من المتظاهرين للمطالبة بإصلاح العملية السياسية في البلاد، وحل مشاكل البطالة وتوفير فرص للعمل، ومعالجة ملفات الفساد، وتطورت الأحداث بعد أن استخدمت جهات أمنية وميليشيات مسلحة الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في ساحة التحرير.
وتوسعت رقعة المظاهرات لتشمل تسع محافظات عراقية في وسط وجنوب البلاد، وراح ضحية هذه الأحداث، بحسب إحصائيات حكومية، 600 قتيل ونحو 25 ألف مصاب.
ودفعت هذه الحركة الاحتجاجية رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي إلى تقديم استقالته من المنصب، بعد أن شهدت هذه المظاهرات دعماً من المرجعية العليا في العراق بزعامة علي السيستاني.
يأتي ذلك فيما قدم رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني، طلباً رسمياً إلى هيئة رئاسة مجلس النواب لعقد جلسة منح الثقة لتشكيلته الحكومية غداً الخميس، بعدما واجه صعوبات وضغوطات كبيرة من الكتل السياسية لاختيار تشكيلته الوزارية المقبلة، قبيل عرضها على البرلمان. ورغم تلقي السوداني إشارات إيجابية واضحة، ودعماً كاملاً وحرية لاختيار تشكيلته الوزارية، التي تضم ما بين 23 و24 حقيبة وزارية، سعت بعض الكتل السياسية إلى فرض إرادتها للحصول على حقائب وزارية دون غيرها.
وأخفق البرلمان العراقي خلال الأيام العشرة الأولى من تكليف السوداني في تحديد موعد لعقد جلسة منح ثقة للحكومة الجديدة، كما كان معلناً، رغم أن الأجواء كانت تشير إلى حصول توافق تام بشأنها.
وتنتهي المهلة الدستورية لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة السوداني في 11 نوفمبر المقبل. ولا تبدو الأجواء السياسية الحالية في العراق بشأن آلية تشكيل الحكومة غريبة على العراقيين، فهي امتداد لأول حكومة تشكلت في عام 2005 وما تلاها، حيث يواجه تشكيل كل حكومة بعد الانتخابات مخاضاً عسيراً يستمر حتى اللحظات الأخيرة من المهلة الدستورية لتشكيلها.