أحمد عاطف (القاهرة)

يشهد السودان حالياً العديد من المبادرات السياسية لحل الأزمة وسط عملية انسداد سياسي ومجتمعي، بالتوازي مع الأزمة الاقتصادية العميقة، وتظاهرات تجوب أرجاء البلاد، وانسحاب قادة الجيش من الحوار مع المدنيين الذي تقوده الآلية الثلاثية المشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الحكومية الأفريقية «إيقاد».
ورغم عدم نجاح بعض تلك المبادرات والتي كان آخرها «أهل السودان» للزعيم الصوفي الطيب الجد المسؤول عن دائرة الفتوى في مجمع الفقه الإسلامي لاستكمال الفترة الانتقالية، إلا أن مبادرة جديدة طرحتها طريقة صوفية مشهورة بثقلها الديني والسياسي للزعيم الصوفي الشهير المعروف بـ«الشيخ الجعلي» بمنطقة «كدباس» شمال البلاد، وتهدف إلى توحيد المعارضة المدنية من أجل إنهاء الأحداث الأخيرة وإقامة سلطة مدنية ديمقراطية تخرج البلاد من أزمتها الشاملة المستمرة منذ قرابة العام.
وبين مبادرات «الطيب والجعلي» تدخل الصوفية بثقلها لحل الأزمة وخاصة «الطريقة القادرية» المنتشرة في أنحاء واسعة من البلاد والتي تتمتع بثقل كبير منذ مطلع القرن الـ 19، وهو ما طرح تساؤلات حول إمكانية أن تحل الطرق الصوفية الأزمة السودانية ومدى قدرتها على الوصول لصيغة التوافق بين القوى المدنية. أوضحت الباحثة السودانية بجامعة الخرطوم أسمهان أسماعيل أن مبادرة الجعلي كانت تهدف إلى لم شمل قوى الثورة من تجمع مهنيين، ولجان مقاومة، وجماعة المجلس المركزي للحرية والتغيير، وجماعة التغير الجذري برعاية الحزب الشيوعي وأسر شهداء ورجال طرق صوفية داعمين للثورة، وذلك للإطاحة بإجراءات الحكم العسكري وتكوين حكم مدني كامل.
وقالت أسمهان لـ«الاتحاد»: إن المبادرة لم تصمد طويلاً حيث رفضها الحزب الشيوعي ورفض الجلوس مع الجماعة التي شاركت الحكم العسكري في السلطة، وبذلك تم وأد المبادرة في مهدها. ومن ناحية، قوبلت مبادرة الشيخ الطيب الجد التي مثلت مجموعات كبيرة من الشعب برفض قوى الثورة ولم يبد المجتمع الدولي أي حماس تجاهها مع أنها شبه شاملة. 
وأضافت أسمهان «أن المبادرتين الصوفيتين تكونتا نتيجة انسداد الأفق السياسي في السودان، وأن مبادرة كدباس تدعم قوى الثورة وتسعى لتوحيدها في كتلة واحدة، بينما مبادرة الطيب الجد كانت أوسع وتشمل التسوية مع الجميع دون فرز، وكان من الممكن أن تقود تحركات مبادرات الطرق الصوفية إلى وفاق شامل بين جميع الأطراف في حال لمّ المبادرتين وتقديم تنازل من كل الأطراف من أجل مصلحة البلاد».
وبحسب مبادرة «الجعلي» فإن منطقة «كدباس» شهدت اتفاق «قوى الثورة» على الوحدة عبر عملية مستمرة بآليات مختلفة وعلى مراحل لتحقيق الأهداف التي أسهمت في ثورة ديسمبر 2018 من أجل توحيد الفعل الثوري. وأكدت أسمهان أنه في حال عدم توافق مسؤولي المبادرتين الصوفيتين، سيكون كل طرف رافضاً للآخر، وستذهب المبادرات الصوفية أدراج الرياح، وفي النهاية لن يكون هناك توافق شامل ولا حل لمشكلات السودان.