دينا محمود (لندن)

لا يشكل الانقلاب العسكري الأخير الذي وقع قبل أيام في بوركينا فاسو، سوى أحدث حلقة في الاضطرابات التي تضرب منطقة غرب أفريقيا في الوقت الحاضر، وهو ما تجسد في سلسلة انقلابات ضربت عدداً من دولها، على مدار السنوات الأربع الماضية، وأثارت القلق على الساحتين الإقليمية والدولية.
من بين هذه الانقلابات، اثنان وقعا في بوركينا فاسو وحدها خلال أقل من 9 أشهر، بجانب تحركات انقلابية مماثلة شهدتها مالي وغينيا ولم تنج منها إلا غينيا بيساو، وهو ما يهدد الاستقرار في المنطقة بأسرها، ويُنذر بتوسيع رقعة الاضطراب السياسي والاقتصادي والاجتماعي في أراضيها.
ويكشف ذلك، وفقا لمتابعين للوضع في غرب أفريقيا، عن أن التطور الديمقراطي في هذه البقعة من العالم، لا يزال في مراحله المبكرة بما يجعله أشبه بـ«مولود مبتسر» أو قبل أوانه، وأن الحكومات التي وصلت إلى السلطة هناك عبر صناديق الاقتراع، أخفقت في تحقيق آمال مواطنيها، في قطع خطوات واسعة وملموسة على صعيد التنمية.
ورغم أن فشل الحكومات المُنتخبة ديمقراطيا، طالما شَكَلَّ المبرر الجاهز لدى كل قادة الانقلابات العسكرية التي وقعت في غرب أفريقيا وغيرها من مناطق القارة المختلفة منذ ستينيات القرن الماضي، فإن الوقائع على الأرض تشير إلى أن من تولوا السلطة عبر الانتخاب في كثير من دول هذه المنطقة، لم ينجحوا في رفع مستويات معيشة ناخبيهم، بل استغلوا وصولهم إلى الحكم، لتحقيق مكاسب لهم ولنخبة مختارة من أصدقائهم والمقربين منهم.
وقاد ذلك، بحسب ما قال خبراء، إلى أن يتواصل حرمان رعايا غالبية دول غرب أفريقيا من الضروريات التي تمس لها حاجتهم، وهو ما يُشعرهم بالتهميش، ويجعلهم أكثر ميلا لدعم أي تمرد يستهدف الإطاحة بالسلطة القائمة في أوطانهم، حتى لو من خلال انقلاب عسكري مجهول العواقب.
فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، لم تتمكن سوى حكومات قليلة في هذه المنطقة من أفريقيا، من رفع مستوى الدخل في أراضيها، بما أدى إلى استمرار معاناة غالبية السكان في دول غرب القارة السمراء، من الفقر والمشكلات المعيشية مثل أزمة الإسكان، والافتقار للخدمات الأساسية، كالتعليم والمياه النقية والصرف الصحي.