دينا محمود (عدن، لندن)

دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي لمراجعة طريقة تعامله مع ميليشيات الحوثي الإرهابية، مشيرةً إلى أن الميليشيات لم تنفذ منذ انقلابها على الحكومة الشرعية أي من تعهداتها، جاء ذلك فيما أعلنت الأمم المتحدة أن المفاوضات بين الحكومة والميليشيات بشأن تجديد الهدنة مستمرة رغم عدم التوافق على تمديدها.
وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إن ميليشيات الحوثي الإرهابية لم تنفذ منذ انقلابها أياً من تعهداتها، بما في ذلك بنود اتفاق ستوكهولم بشأن الوضع في محافظة الحديدة وحصار تعز وتبادل الأسرى والمختطفين، مشيراً إلى أن الميليشيات ظلت تصطنع الذرائع والحجج للتنصل من التزاماتها وتبرير انقلابها على الاتفاقات، مستغلة الموقف الدولي المتراخي.
وأضاف الإرياني، في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ»: «رغم هذا التاريخ الحافل بالتنصل من الالتزامات والانقلاب على العهود والمواثيق، لم يحدد المجتمع الدولي في أي من المراحل ميليشيات الحوثي كسبب رئيسي في عرقلة الحوارات أو تعطيل تنفيذ الاتفاقات المبرمة برعاية أممية، ولم يحملها مسؤولية استمرار الحرب وما تخلفه من مأساة إنسانية في اليمن».
وأشار الإرياني إلى أن «استمرار نهج المجتمع الدولي في غض الطرف عن ممارسات الحوثي، وتقديم التنازلات، لم يدفع الميليشيات نحو التهدئة والسلام، بل العكس، فقد استغل الحوثي الاتفاقات والهدن لتكريس مشروعه الانقلابي، وحشد الموارد والإمكانات للحرب ونسف فرص السلام، ومضاعفة الأعباء الإنسانية على اليمنيين».
ولفت الإرياني إلى «أنه ورغم مسلسل التنازلات والفرص وكل الأموال التي حصلت عليها ميليشيات الحوثي لم تقدم لليمنيين منذ انقلابها إلا الدم والدمار، والجرائم بحق النساء والأطفال والسياسيين والصحفيين، وزراعة الألغام، وتجنيد الأطفال، وتهديد دول الجوار والأمن والسلم الإقليمي والدولي».
وقال: «على المجتمع الدولي الاختيار بين الانحياز إلى أمن واستقرار اليمن ومصالح الشعب اليمني، أو ميليشيات إرهابية قتلت وخطفت وشردت وأفقرت ملايين اليمنيين واخترقت القوانين الدولية واعتدت على دول الجوار، ولا تزال تمثل تهديداً للملاحة الدولية وأمن الطاقة عصب الاقتصاد العالمي».
وفي السياق، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن المفاوضات بين الحكومة اليمنية وميليشيات الحوثي الإرهابية بشأن تجديد الهدنة مستمرة، رغم عدم التوافق على تمديدها.
جاء ذلك في بيان نشره الموقع الرسمي للأمم المتحدة، مساء أمس الأول أشار فيه إلى شعور الأمين العام أنطونيو جوتيريش بخيبة أمل بسبب عدم توافق الأطراف اليمنية على تمديد الهدنة وتوسيعها، كما اقترح مبعوث الأمين العام إلى اليمن هانس جروندبرج.
وتابع: «المبعوث الأممي يواصل العمل وسيستمر في ذلك رغم عدم تجديد الهدنة»، مشيراً إلى أنه يبحث التوصل لتوافق بين الطرفين بشأن الأمور الخلافية.
ويعتبر ملايين اليمنيين أن سيطرة الميليشيات الإرهابية على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى بداية لمرحلة هي الأسوأ في تاريخ بلادهم.
وتعكس الاستعراضات العسكرية التي أجرتها الميليشيات الإرهابية تحدياً للمجتمع الدولي ورسالة تفيد بأن الميليشيات الحوثية تستعد بأقصى قوتها، لاستئناف ممارساتها الإرهابية ضد المدنيين.
وكرست هذه الرسالة اعتقاداً راسخاً لدى مختلف الأوساط اليمنية، بأنه لا هم للعصابة الانقلابية، سوى تكديس المزيد من الأسلحة وقمع اليمنيين بأبشع الطرق، وذلك في محاولة مستميتة للإبقاء على سيطرتها الآخذة في التداعي على المحافظات الخاضعة لها بالقوة.
لكن هذه الاستعراضات البائسة، التي لاقت انتقادات شديدة اللهجة من جانب الأمم المتحدة، أتت بنتائج عكسية.
فحسب متابعين للشأن اليمني، قادت المظاهر الاحتفالية الباذخة التي أحاطت بها الميليشيات ذكرى الانقلاب الإجرامي، إلى تعميق مشاعر الغضب في نفوس اليمنيين، الذين جاهروا بالقول إن استيلاء تلك العصابة على السلطة في صنعاء، يشكل اليوم الأكثر حزناً في حياتهم. ونقل موقع «أل مونيتور» الإخباري الأميركي، عن عدد من هؤلاء اليمنيين قولهم، إن الانقلاب الحوثي حَوَّل اليمن، إلى ساحة لـ«كارثة إنسانية مأساوية»، وأعاده عشرات الأعوام إلى الوراء، فضلاً عن أنه شَكَّلَ قفزة إلى ماضٍ مظلم، ويقود البلاد بأسرها في الوقت نفسه إلى مستقبل مجهول. وأبرز الموقع ما أكده حقوقيون يمنيون، من أن استيلاء العصابة الانقلابية على الحكم، زج باليمن في حالة من الفوضى العارمة وانعدام الأمن، وحَرَم سكانه من حقوقهم الأساسية على نحو غير مسبوق، في التاريخ الحديث لبلادهم.