أحمد شعبان (القاهرة)
أشاد الدكتور أسامة الأزهري مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية، وأحد علماء الأزهر الشريف، بدور دولة الإمارات العربية المتحدة البارز في خدمة قضايا الأمة والإنسانية جمعاء، ونشر قيم السلام والتسامح الديني والعيش المشترك بين الجميع على اختلاف أجناسهم وعقائدهم، مؤكداً أنه نهج ثابت وراسخ للقيادة الرشيدة في دولة الإمارات.
وأعرب الدكتور أسامة الأزهري، خلال حوار مع «الاتحاد» بالتزامن مع «اليوم الدولي للسلام»، بالعلاقة التي تربط مصر والأزهر بالإمارات، بما يحقق التعاون بينهما في مختلف المجالات العلمية والثقافية والدينية، وعقد المؤتمرات والندوات العالمية التي تُعزّز قيم السلام العالمي والتقارب بين الشرق والغرب.
مبادرات التسامح
وحول مبادرات التسامح والتعايش وقبول الآخر، أشاد الدكتور الأزهري بمبادرات التسامح التي تُطلقها وتُدعمها الإمارات، قائلاً: «احتضان الدولة 200 جنسية على اختلاف مذاهبهم وأديانهم يعيشون في تسامح وتعايش، يؤكد أن التسامح في الإمارات نموذج عالمي وفريد يُحتذى به».
وأكد الأزهري أن الأديان السماوية حثت على التسامح والعيش المشترك والتعارف وقبول الآخر، وأن جميع الشرائع جاءت لبيان وحدة الناس وتعارفهم، مشيراً إلى أن القرآن الكريم دعا إلى التعارف والتعاون والتعايش، ونبذ العنف والعداوة بين الناس.
وقال الأزهري: «ما أحوجنا هذه الأيام في ظل الأزمات الاقتصادية التي يواجهها العالم بسبب الصراعات والحروب الدائرة، إلى نشر قيم التسامح والسلام والتكافل الإنساني والمحبة والتراحم بين شعوب العالم لوقف نزيف الدم، ونبذ العنف وخطاب الكراهية»، داعياً الإنسانية كلها إلى إعلاء راية التسامح وإطفاء نيران الحروب والكراهية.
مصر والإمارات
وعن جهود مصر والإمارات والتعاون في محاربة الفكر المتطرف والإرهاب ونشر السلام العالمي، أكد الدكتور الأزهري أن مصر والإمارات نموذج ناجح في مكافحة الإرهاب، لافتاً إلى أن البلدين كانا من الدول الأولى التي أدركت مبكراً خطورة ظاهرتي التطرف والإرهاب وضرورة تجفيف منابعهما ومصادر تمويلهما، والعمل على محاربة خطاب الكراهية، وتفنيد الإشاعات والأخبار الكاذبة التي تروجها الجماعات الإرهابية، مؤكداً أهمية الشراكات الاستراتيجية بين المؤسسات الدينية في كلا البلدين لمكافحة التطرف والإرهاب.
وأكد أن الإمارات تتعاون مع مصر والدول العربية والإسلامية في مواجهة الإرهاب والتطرف، بهدف تحقيق التنمية والتسامح، مثمناً تأسيس بعض المراكز الدولية البحثية والدراسية المعتمدة في الإمارات لمواجهة هذه الظواهر التي تؤرق الناس وتسعى إلى هدم المجتمعات والدول، ومنها مراكز «هداية»، و«صواب»، و«منتدى أبوظبي للسلم» و«تريندز».
ولفت إلى أن أنبل سلاح لضرب الأفكار المتطرفة ومواجهة التحديات التي تواجه العالم العربي والإسلامي هو المواجهة الفكرية، مثمناً ما تقوم به المراكز البحثية في الإمارات في كشف وفضح أفكار الجماعات المتشددة والإرهابية، خاصة في ظل انتشار الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي التي استغلتها هذه الكيانات لبث سمومها وتنفيذ مخططاتها من خلال «الإرهاب الرقمي».
وأكد أن هذه المراكز تؤتي ثمارها في الإمارات والإقليم والعالم، وتُسهم في نشر السلام المجتمعي، وتعزيز السلم في المجتمعات المُسلمة وغير المسلمة، وتساعد على طرح معالجات للتشدد والغلو والتطرف، والجنوح للعنف الفكري والمُسلح ونشر قيم التسامح.
وأشار إلى أهمية التعاون بين مراكز مكافحة التطرف والإرهاب في الإمارات والمؤسسات الفكرية في مصر، وعلى رأسها الأزهر الشريف الذي تتسم مناهجه بالوسطية والاعتدال، ودار الإفتاء المصرية التي أسست «مركز سلام لدراسات التطرُّف».
ونوه بأن المؤتمرات التي تُعقد كل عام بمشاركة المراكز والمؤسسات الإماراتية مثل الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الإماراتية، بالإضافة إلى الأزهر والإفتاء والأوقاف المصرية، تهدف لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتصويب الأفكار الخاطئة من الآراء الشاذة التي تخرج من بعض المُنتسبين للأديان.
موسوعة أعلام الأزهر
وحول موسوعته «جمهرة أعلام الأزهر الشريف»، قال الأزهري: «الموسوعة منجم كبير سينشأ على ضفافه عشرات المشاريع العلمية النهضوية للأزهر والوطن، وهي توثيق ودراسة لتراجم علماء الأزهر في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين»، مشيراً إلى أنه استغرق في كتابتها 16 عاماً، منها 10 أعوام في تجهيز المادة العلمية.
وأشار إلى أن الموسوعة تعتبر أول قاعدة بيانات وافية وأكبر كتاب عن الأزهر عبر تاريخه، كما أنَّها تعرض أخباراً نادرة عن شخصيات أزهرية كثيرة خلال القرن الماضي، خاصة الذين انتشروا في أوروبا وأميركا بعد دراستهم بالأزهر.
الحق المُبين
أما عن جهوده في كشف الفكر المُتطرف لجماعة «الإخوان» وأخواتها الذين خرجوا من عباءتها مثل «القاعدة» و«داعش»، فقال الأزهري: ألفت كتاب «الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين» وتُرجم إلى 14 لغة، وفي هذا الكتاب فندت كل أفكار الجماعات المتطرفة من «الإخوان» إلى «داعش»، مؤكداً أن أهمية هذا الكتاب تبرز في أنه أول مشروع علمي أزهري فكري يرد على تلك الأفكار وينقدها نقداً علمياً صادقاً.
وأوضح أن أول بنود تجديد الخطاب الديني هي إطفاء نيران الفكر المُتطرف، حيث رُصد تحت هذا البند 40 تياراً متطرفاً خرجوا من تحت عباءة الجماعة الإرهابية.
وأشار إلى أن التيارات المتطرفة بدأت بجماعة «الإخوان» منتصف القرن الماضي، وكان آخرها ظهور تنظيم «داعش» مطلع العقد الأول من القرن الحالي، موضحاً أن هذه التيارات المتطرفة لديها قاسم مشترك تنطلق جميعها من فكرة «الحاكمية»، وهي «التكفير لكل من لم يحكم بما أنزل الله».
وأكد أن هذه الجماعة الإرهابية والمتطرفة تتخذ مبادئ عدة، منها القول بـ«الفرقة الناجية»، وأن من ينتمي إليها يدخل تحت هذه الراية، وصولاً إلى حتمية الصدام وتكفير المجتمعات.