لم يكد الأردنيون يصدقون الخبر الذي وصفه كثيرون بـ«المعجزة» عندما رأوا الطفلة الرضيعة «ملاك»، ذات الأربعة شهور، تخرج على أيدي عمال الإنقاذ من بين ركام المبنى المنهار في العاصمة عمّان، بعد أن ظلت عالقة تحته لأكثر من 24 ساعة. وتسبب سقوط المبنى بمقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص، بينما لا يزال العمل جاريا لمحاولة انتشال جثث أو أحياء.
روت إسراء رائد (26 عاما) والدة الرضيعة «ملاك»، اليوم الخميس، فرحتها لدى رؤية طفلتها «عندما أخرجوها، عرفتها من بيجامتها الزهرية... كانت فرحتي واضحة جدا ولا توصف... زغردت ودعوت الله أن ينجي الآخرين». ترقد الطفلة، وهي وحيدة والديها، في مستشفى «لوزميلا» القريب من موقع الحادثة حيث تعاني من بعض الرضوض فحسب. وكان مقطع فيديو وزعته قوى الأمن أظهر عمال الإنقاذ وهم يخرجون «ملاك» من فتحة ضيقة بين أنقاض المبنى الذي انهار الثلاثاء بينما كانت تجري فيه أعمال صيانة. وبدت الطفلة في حالة جيدة، ثم أدخلت في سيارة إسعاف أسرعت بها إلى المستشفى.
تقول إسراء رائد، من أمام المستشفى، بتأثر: «كان لدي إحساس في داخلي أنها على قيد الحياة، وكان زوجي يطمئنني هو الآخر قائلا إن ابنتنا بخير وهي بانتظارنا». وتضيف «أنا سعيدة جدا وأحمد الله على سلامتها. الطبيب قال لي إنها معجزة أن تكون خرجت بسلام من تحت حطام بناية ذات أربعة طوابق». وكانت إسراء تركت طفلتها عند صديقة لها تقطن المبنى لتنجز عملا. وتقول: «أنا لا أسكن هذه العمارة. تعيش في العمارة صديقتي التي (...) تركت طفلتي لديها، لأوصل طلبية، فأنا أعمل في تصميم العطور والماكياج. بعد نحو ساعة، رنّ هاتفي، وأخبرني أحدهم أن ابنتي سقطت فعدت مسرعة كالمجنونة. ظننت أنها قد تكون سقطت من فوق السرير، لكن عندما وصلت رأيت أن عمارة كاملة سقطت فوق ابنتي».
وتتابع «كنت أصرخ وأنادي أين ابنتي؟ أين ابنتي؟... بعد مرور أكثر من 24 ساعة، أخبرني رجال الإنقاذ أنهم سمعوا صوت طفلة. قلت: يا رب تكون طفلتي». وتوضح أن عمودا بقي صامدا قربها على الأرجح «هو الذي حماها»، بالإضافة إلى «متنفس صغير» بقي يجلب لها الهواء.
- فرحة لم تكتمل لكن فرحة إسراء لم تكتمل. وتؤكد «ينتابني شعوران: شعور جميل لأن ابنتي خرجت بخير وسلام، وشعور آخر مناقض لأنني فقدت صديقتي وابنتها» التي تبلغ بضعة أشهر أيضا. وتضيف: «كانت ابنتي في غرفة وصديقتي وابنتها في غرفة ثانية». في مكان الحادث، تتواصل عمليات البحث بين الأنقاض، ورجحت مصادر أمنية وجود أربعة أشخاص لا يزالون عالقين. لكن إنقاذ ملاك أثار ارتياحا وفرحة.
قال حسام عبود (50 عاما)، الذي كان الخميس في المكان: «إنها معجزة إلهية أن يتمكنوا من إخراج طفلة بهذا العمر الصغير وهي على قيد الحياة من بين كل هذه الأنقاض». وأضاف وسام زيادين (42 عاما)، من جهته، أنه لم يصدّق الخبر عندما رآه على وسائل الإعلام، مضيفا «أنا أعتبر هذا إنجازا كبيرا. منظر إخراجها وهي على قيد الحياة أفرحني، كم كنت أتمنى أن يخرج الجميع سالمين». ونجح عمال الإنقاذ، أمس الأربعاء، أيضا في إخراج رجل يبلغ من العمر 45 عاما على قيد الحياة.