دينا محمود (لندن)
في ظل مؤشرات تفيد بتحول منطقة الساحل الأفريقي، إلى بؤرة نشطة للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، دق خبراء أمنيون غربيون أجراس الإنذار، من خطورة الفشل في احتواء التهديد الإرهابي، الذي ينتشر حالياً بوتيرة متسارعة في تلك البقعة الفاصلة بين الصحراء الكبرى في أفريقيا، والدول الواقعة بشمال القارة السمراء.
وأشار الخبراء إلى أن منطقة «الساحل»، التي تشمل أجزاء من نحو 14 دولة من بينها السودان ومالي وتشاد ونيجيريا وبوركينا فاسو والنيجر، باتت تشكل الآن ملاذاً للجماعات الإرهابية التي تدين بالولاء لتنظيميْ «داعش» و«القاعدة» الدموييْن، وكذلك لفلول الدواعش، الذين فروا من سوريا والعراق، بعد تكبد التنظيم الهزيمة هناك، أواخر عام 2017.
وأدى ذلك إلى أن يتحول ذلك الجزء من أفريقيا، إلى إحدى أخطر وأهم جبهات الحرب ضد الإرهاب عالمياً، وهو ما تجسد في أنه شهد خلال العام الماضي وحده، سقوط 35 في المئة من ضحايا العمليات الإرهابية على مستوى العالم، وذلك جراء هجمات واعتداءات، أجبرت نحو مليونين ونصف مليون شخص، على النزوح من ديارهم.
وفي تصريحات نشرتها مجلة «إنترناشيونال بوليسي دايجست» على موقعها الإلكتروني، قال الخبراء الغربيون، إن غالبية تلك الاعتداءات، وقعت في المناطق الحدودية الحافلة بالثغرات الأمنية، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مُحذرين من أن وتيرة العنف المتصاعد في هذه البقاع، قد تمتد إلى دول أفريقية مجاورة.
وتستغل التنظيمات المتطرفة الناشطة في «الساحل الأفريقي»، الأوضاع المضطربة هناك، خاصة بعدما شهدت بعض دول المنطقة -مثل مالي- تقلبات سياسية، أدت إلى صرف الانتباه عن جهود مكافحة الإرهاب والتشدد، وجعل شبابها فريسة سهلة لعمليات التجنيد، التي تستهدف حملهم على الانضواء، تحت لواء الجماعات الجهادية.
وبحسب الخبراء، تزيد المظالم الاجتماعية القائمة في عدد من بلدان «الساحل»، من جاذبية دعوات التنظيمات الإرهابية لمواطنيها، لرفع السلاح ضد السلطات، التي يرى هؤلاء أنها عاجزة عن التعامل مع مشكلات مثل الفساد وتفاقم معدلات البطالة وتدهور أوضاع الأراضي الزراعية، التي يعتمد الكثيرون على العمل فيها، لكسب قوت يومهم.
وفي هذه الأثناء، حذّر تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأميركية واسعة الانتشار، من تركيز الدول الغربية على الزاوية الأمنية وحدها، في ما يتعلق بالتعامل مع الوضع المتأزم في منطقة «الساحل الأفريقي»، دون أن تبدي هذه البُلدان الاهتمام الواجب، للجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأزمات تلك المنطقة.
وحذر التقرير من أن التصدي عسكرياً فقط للتهديد الإرهابي الكامن في تلك المنطقة، لا يوفر حلاً لمشكلاتها.
وشدد الخبراء على أن التمسك بهذا النهج، سيفتح الباب أمام التنظيمات الإرهابية لترسيخ وجودها في «الساحل الأفريقي»، وهو ما سيشكل تحدياً للأمن القومي الغربي، بسبب قرب هذه المنطقة جغرافياً من طرق الهجرة إلى أوروبا عبر الدول الأفريقية المُطلة على البحر المتوسط، وهو ما يُنذر بجعلها مصدراً للإرهابيين والمهاجرين غير القانونيين سواء بسواء.