هدى جاسم (بغداد)
«أريد حقي في التعيين»، بهذه العبارة بدأت هدى محمد حديثها وقد شاركت زملاء لها من خريجي الجامعة التكنولوجية وهي من الجامعات المرموقة في العاصمة العراقية بغداد، تظاهرات عدة مطالبين بفرص عمل تقيهم الحاجة وهم في مقتبل العمر.
هدى واحدة من آلاف العاطلين عن العمل، بينهم خريجو جامعات مهمة ينتظرون منذ سنوات فرصة للتعين في دوائر حكومية، حيث لجأ العديد منهم إلى العمل في غير اختصاصه، بل أدنى بكثير من أجل توفير قوت يومه هو وأهله.
وتؤكد هدى أنها تعمل الآن من داخل منزلها في تعليم الطلبة الصغار اللغة الإنجليزية مقابل مبلغ بسيط جداً لتربية ولدها الوحيد بعد أن انفصلت عن زوجها.
ويؤكد الباحث في الشأن السياسي والاقتصادي العراقي نبيل جبار العلي أنه على الرغم من تضارب الإحصائيات بشأن نسبة البطالة في العراق بين المنظمات الدولية والمؤسسات الرسمية العراقية، إلا أن البطالة في العراق بلا شك قد وصلت إلى نسب مرتفعة جداً، وقد تكون الأعلى خلال العقود الثلاثة الماضية، وهي بين 16 - 30% من مجموع القوى العاملة في العراق.
وبين العلي في تصريحات لـ«الاتحاد» أن «ما يثير العجب والاستغراب، هو مرور العراق بحالة انتعاش ونمو اقتصادي استثنائية، إذ بلغت إيراداته النفطية نحو 12 مليار دولار شهرياً خلال الأشهر الماضية، وبحجم إنفاق حكومي شهري تجاوز 10 مليارات دولار، لكن ذلك لم ينعكس على تحسين المؤشرات الاقتصادية الأخرى وفي مقدمتها الفقر والبطالة».
وأشار العلي إلى أن وجود خلل واضح في إدارة البلاد واقتصادها ومواردها وغياب العدالة في توزيع الثروة، كل ذلك انعكس سلباً على حاضر ومستقبل العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
بدوره، حذر الخبير الاقتصادي رامي جواد، من عواقب عدم إصلاح الحكومة العراقية لعدد من الملفات ومنها ملف العاطلين عن العمل.
وقال جواد لـ«الاتحاد»: «سنعتاد على رؤية مظاهرات العاطلين عن العمل، إذ يبلغ عدد سكان العراق أكثر من 40 مليوناً، في حين أن المؤهلين لدخول سوق العمل يبلغ 9 ملايين، وتبلغ نسبة البطالة بين هذه الفئة نحو 25% بحسب آخر تقرير صادر عن البنك الدولي».
وأكد أنه «إذا لم يتم النهوض بالقطاع الخاص وإصلاح نظام التعليم المهني، فإننا نحتاج إلى دولة ثانية تمتلك 18 وزارة لتستوعب نسبة العاطلين عن العمل الذين سيتظاهرون للمطالبة بالتعيينات، لأن النظام التعليمي في العراق مصمم لإنتاج موظفين يعملون بالقطاع العام، فتعيينهم حق وواجب على الدولة بعد أن ورطهم النظام التعليمي». وتابع: «أما إذا لم تواجه الدولة مخاطر الجفاف الذي يهدد المناطق الريفية، فهذا ينبئ بأن معدلات البطالة قد ترتفع إلى أكثر من 5 ملايين عاطل خلال ثلاث سنوات».
وقال: «على الرغم من تحسن الوضع المالي للحكومة العراقية خلال الأشهر القليلة الماضية، وارتفاع احتياطات البنك المركزي إلى أكثر من 70 مليار دولار وانخفاض معدل الديون الداخلية إلى نحو 50 مليار دولار، فضلاً عن انخفاض الديون الخارجية إلى 20 مليار دولار، فإن هذه الأمور لم تؤثر في تحقيق إصلاح ملف البطالة في البلاد»،.