عبد الله أبو ضيف (بيروت، القاهرة)

لا يعتمد تشكيل حكومة جديدة في لبنان على إحداث توافق، بالقدر الذي يطمح إليه رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي من البرلمان، على أمل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، بخطة تقشف تصل إلى نحو 5 سنوات.
ويعتبر ميقاتي أن قرض صندوق النقد الدولي أملٌ يجمع اللبنانيين من مختلف التوجهات والطوائف في ضوء التراجع الاقتصادي الكبير الذي وصل بالبلاد إلى حافة الإفلاس مما أثار ذعرا واضحا في نفوس اللبنانيين والمستثمرين في آن واحد. ويواجه لبنان أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة أدت إلى زيادة كبيرة في معدلات الفقر، حيث انهارت العملة الوطنية مقابل الدولار، وارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية والخدمات بشكل هائل. 
واقترح ميقاتي خطة كاملة اطلع عليها أعضاء مجلس النواب، والرئيس اللبناني ميشال عون، تقضي بإنشاء صندوق لـ«التعافي»، من المقرر أن يتم التصويت لإقرارها قريبا، خاصة مع تحمل لبنان خسائر مادية متوقعة من عدم تحقيق توافق من كافة الأحزاب والطوائف تصل إلى 25 مليون دولار يومياً، ما يعني ضرورة الموافقة والمضي قدما للحصول على القرض الدولي في أقرب وقت.
وقال غياث يزبك عضو مجلس النواب اللبناني عن «تكتل الجمهورية القوية» إن قرض صندوق النقد الدولي يمثل أهمية كبرى لمستقبل لبنان خاصة مع حالة التراجع الاقتصادي الواضحة خلال الفترة الأخيرة والتي لا يمكن معها الاستمرار دون دعم المؤسسات الاقتصادية الدولية.
وأضاف يزبك في تصريحات لـ«الاتحاد» أن «لبنان يحتاج لخطة نهوض اقتصادي، ويجب أن يدير شؤونه الوطنية بشكل مناسب مع برنامج صندوق النقد الدولي الذي تحتاجه البلاد بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، ويأتي الإصلاح الاقتصادي أولا، خاصة مع حالة الجدل السياسي والطائفي الدائرة بشكل دائم».
بدوره، قال السياسي والقانوني اللبناني راغب حداد إن القرض الدولي يمثل انفراجة، خاصة مع التوجه نحو التوافق الكامل بين الجميع للحصول على القرض، حيث يوحي ذلك بثقة كبيرة من المجتمع الدولي بعد فترة من التقلبات السياسية والاقتصادية التي يلزم أن ينهيها لبنان بخطوات استقرار.
وأضاف: «يجب أن يكون هناك تسريع بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فهناك حالات لا تأخذ في الاعتبار المتضررين خلال الفترة الماضية، بينما هذه الإجراءات تمثل خطوة على الطريق من أجل الوصول لهدف أكبر وهو إعادة البناء للثقة عند الجميع في الجهاز المصرفي اللبناني». ومنذ عام 2019 واللبنانيون يدفعون ثمن الأزمات التي تضرب بلدهم، فقراً وبطالة وفقدان لأدنى مقومات الحياة، من دون أي بصيص أمل في المدى القريب، بل على العكس في كل يوم يزداد الوضع سوءاً، فمن طوابير المحروقات إلى الطوابير أمام الأفران، ومن السوق السوداء للدولار إلى السوق السوداء للدواء وحتى لرغيف الخبز.
وارتفعت نسبة البطالة في لبنان، وأصبحت تقارب نحو 35 في المئة من حجم القوى العاملة المقدر عددها بنحو 1.340 مليون عامل، أي أن عدد العاطلين عن العمل يتراوح بين 470 ألفًا و500 ألف، وذلك بعدما أدت الأزمة الاقتصادية والمالية إلى إغلاق عشرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة وتقليص أعمال عشرات آلاف المؤسسات الأخرى، وبالتالي صرف عشرات آلاف العمال والأُجَراء.