شعبان بلال، أسماء الحسيني (الخرطوم، القاهرة) 

أكد مجلس السيادة الانتقالي في السودان، أن ما يحدث في دارفور من تخريب متعمد ليس بعيداً عما يحدث في الخرطوم.
ونقلت الوكالة السودانية للأنباء «سونا» أمس، عن نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول محمد حمدان دقلو قوله، خلال مخاطبته حفل التوقيع على اتفاق وقف الصراعات القبلية بين قبيلتي «الرزيقات والارنقا» شمال مدينة «الجنينة» بإقليم دارفور، إن «كثيراً مما يجري في دارفور تديره نفس الغرف التي تعبث بالمشهد في الخرطوم، يسعى هؤلاء خلف مصالحهم الذاتية الضيقة». 
وأضاف أن «ما يحدث بالولاية من تفشي خطاب الكراهية والعنصرية والتحريض على قتل النفس والفتن وغيرها من مظاهر الفوضى، تقف خلفها جهات تهدف إلى تقويض السلام الذي تحقق وإعادة دارفور إلى مربع الحرب وتفكيك النسيج الاجتماعي».
وأكد حرص الحكومة على إيقاف الفوضى والتخريب المعتمد، ووضع حد للصراعات العبثية بين المكونات القبلية، من خلال فرض هيبة الدولة، وعقد المصالحات لتحقيق الاستقرار والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع. ويشهد السودان تجدداً مستمراً للنزاعات القبلية التي أودت بحياة مئات الأشخاص رغم محاولات مستمرة من الجهات المسؤولة والمنظمات الأممية لوقف مثل هذه النزاعات، خاصة في أقاليم الشرق ودارفور وكردفان.
وكشف خبراء ومحللون سياسيون لـ «الاتحاد» أسباب الصراعات القبلية التي كان آخرها في شهر يونيو الجاري وأودت بحياة مئات الأشخاص في دارفور، واضعين سيناريوهات لحل هذه الأزمة الممتدة منذ عقود طويلة.
ورأت الباحثة السودانية في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الخرطوم أسمهان إبراهيم أن السبب الأساسي للصراعات القبلية في السودان هو تنافس القبائل للاستحواذ على الموارد الطبيعية خاصة تملك الأرض ومصادر الرعي والمياه بجانب الثأر الذي تقوم به بعض القبائل ضد بعضها البعض جراء قتل فرد أو مجموعة من هذه القبيلة أو تلك لفرد أو مجموعة من أفراد قبيلة أخرى.
وأوضحت إبراهيم لـ «الاتحاد»، أن التداخلات القبلية حول ملكية أرض أو دار القبيلة كانت سبباً في تفاقم النزاعات والصراعات القبلية الدامية جراء انتشار السلاح ودخول بعض المجموعات المتفلتة والحركات المسلحة التي تتكون في الغالب من أفراد قبيلة واحدة مما لعب دوراً متعاظماً في تذكية الصراعات القبلية في السودان وتسبب ذلك في قتل العديد من الناس وحرق القرى ونهب الممتلكات والماشية.
وأكدت إبراهيم أنه مع ذلك فقد ظل زعماء الإدارة الأهلية لمختلف القبائل يلعبون دوراً محورياً في حل النزاعات القبلية جنباً إلى جنب مع جهود المصالحات التي تدعمها مؤسسات الدولة الرسمية. وأشارت الباحثة السودانية إلى أنه بجانب ذلك فقد لعبت الإدارة الأهلية للقبائل ولجان الأمن بالولايات التي شهدت صراعات قبلية دوراً متعاظماً أدى إلى التخفيف والحد من تطور العديد من الصراعات القبلية والمواجهات المسلحة التي شهدها السودان عامة وولايات غرب وشرق وجنوب السودان خاصة.
ويبرز الصراع التاريخي بين الرعاة والمزارعين في دارفور وكردفان كأحد أسباب الصراعات القبلية، لكن الصراع على مناجم الذهب برز مؤخراً كمحرك رئيسي آخر لحروب القبائل.
بدورها، رأت الدكتورة تماضر الطيب، الأستاذة بمركز الدراسات الدبلوماسية بجامعة الخرطوم، أنه ليس من السهل تجاوز الخلافات القبلية، خاصةً في ظل التحديات الداخلية التي يشهدها السودان.
وأوضحت لـ«الاتحاد»، أن الوضع يتطلب حكومة قوية ووضعاً أمنياً أفضل، مؤكدةً أن تلك الخلافات متجذرة، مشيرةً إلى عدم إمكانية وقف هذه النزاعات إلا في ظل استقرار سياسي حقيقي في السودان يسوده حكم القانون ودولة المؤسسات.
وذكرت أن الإهمال وبعد المسافات وصعوبة الوصول أضعفت من الدور الذي يُمكن أن تقوم به الحكومات المتعاقبة في ما يتعلق بمعالجة الأوضاع الاجتماعية للقبائل، موضحةً أن الحكومات ليست معفية من الإهمال وعدم التنمية في أقاليم السودان المختلفة التي تحظى بموارد ومصادر طبيعية كبيرة على مستوى الزراعة والثروة الحيوانية والتعدين وغيرها.