أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدة استشارات، اليوم الثلاثاء، مع الأغلبية البرلمانية والمعارضة، لمحاولة الخروج من الأزمة التي وضعته فيها الانتخابات التشريعية التي حرمت حزبه من الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية قبل يومين. من بين من استقبلهم فرانسوا بايرو، رئيس حزب حركة ديمقراطية اليميني الداعم لماكرون. ورفض ماكرون، صباح اليوم، استقالة رئيسة الوزراء إليزابيت بورن. يقضي التقليد بأن تقدم الحكومة استقالتها بعد الانتخابات التشريعية. ويهدف هذا الإجراء إلى إضفاء شرعية جديدة على رئيس الوزراء الذي يعيد الرئيس تعيينه على الفور في منصبه. إلا أن إيمانويل ماكرون اختار رفض هذه الاستقالة، فيما تنتظره مجموعة من الالتزامات الدولية (المجلس الأوروبي، قمة مجموعة السبع، قمة حلف شمال الأطلسي) اعتبارًا من الخميس.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية، اليوم، أن بورن ستبقى في منصبها «لتتمكن الحكومة من متابعة مهامها والتحرك». ومن المقرر أن يستقبل الرئيس الفرنسي، الذي أعيد انتخابه في أبريل، لولاية ثانية من خمس سنوات، زعماء أحزاب المعارضة يومي الثلاثاء والأربعاء، من أجل «تحديد حلول بنّاءة»، بحسب مكتبه الإعلامي. ويستقبل ستة منهم الثلاثاء. تراوح الخيارات المتاحة لماكرون بين السعي إلى تشكيل تحالف ائتلافي جديد، أو تمرير تشريعات بعد التوصل إلى اتفاقات بشأنها، أو حتى الدعوة إلى انتخابات جديدة. وأحد الخيارات هو تشكيل تحالف مع الجمهوريين الذين لديهم 61 ممثلًا في الجمعية الوطنية.
وكان زعيم الجمهوريين كريستيان جاكوب أول ضيوف ماكرون اليوم الثلاثاء. وأكد أنه «قال للرئيس أن لا مجال للدخول في ما قد يبدو خيانة للذين صوتوا لنا». وقال «سنبقى في المعارضة (...) لا مجال أن نفكّر بأي اتفاق»، متعهّدًا في الوقت ذاته أن حزبه لن يعرقل عمل مؤسسات الدولة الفرنسية.
واتخذ زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور موقفًا تصالحيًا أكثر بعد اجتماعه مع ماكرون، قائلاً إنه مستعد للمضي قدمًا مع الحكومة إذا اتخذت إجراءات بشأن مسألة القدرة الشرائية ورفع الحد الأدنى للأجور. كما التقي ماكرون، في وقت لاحق من بعد ظهر الثلاثاء، منافسته في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية زعيمة التجمع الوطني (يمين متطرف) مارين لوبن، وزعيم الحزب الشيوعي فابيان روسيل.
وسيتحدث ماكرون الأربعاء مع رئيس حزب الخضر جوليان بايو وشخصيتين من حزب «فرنسا الأبية» الذي يقود الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد وهو ائتلاف يساري بزعامة اليساري جان-لوك ميلانشون والذي جاء في المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية. ويعتزم الحزب تقديم مذكرة حجب الثقة عن الحكومة في 5 يوليو. وفي حال أيدت غالبية من النواب هذه المذكرة، وهو ما يتطلب اتفاقًا غير محتمل بين اليسار واليمين واليمين المتطرف، فإن الحكومة ستسقط. ولم يتمكن ائتلاف ماكرون، الذي تمتع خلال ولاية الرئيس الأولى بالغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية (289 نائبا)، من الاحتفاظ بها وحصل على 245 مقعدًا من أصل 577 في الانتخابات التشريعية الأخيرة. يتقاسم بقية مقاعد الجمعية الوطنية كل من الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد مع 150 مقعداً وحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان مع 89 نائبا وحزب الجمهوريين اليميني الذي يبدو أنه سيلعب دور الحكم بحصوله على 61 مقعداً وقد سارع المعسكر الرئاسي إلى التواصل معه.