دينا محمود (لندن)

«لا ضوء يلوح في نهاية النفق اللبناني المظلم»، تحذير استبق به محللون إقليميون وغربيون، الاستشارات النيابية في بيروت، لاختيار رئيس للحكومة، عقب الانتخابات التي أُجريت في البلاد، في الخامس عشر من الشهر الماضي، وتمخضت عن فوز مرشحين مستقلين بعضوية البرلمان، وتزايد حضور القوى الوطنية فيه، على حساب ميليشيات «حزب الله» الإرهابية وحلفائها.
فدعوة الرئيس اللبناني ميشال عون إلى بدء هذه الاستشارات الخميس المقبل، بدت برأي خبراء، اضطرارا منه لا اختيارا، وذلك بفعل محاولات بعض القوى على الساحة اللبنانية، إرجاء هذه الخطوة، في ظل الاستقطاب السائد في مجلس النواب الجديد، الذي فقد «حزب الله» وحلفاؤه، السيطرة عليه.
وأدت محاولات التأجيل والمماطلة، التي بررتها دوائر مقربة من الرئيس عون بانتظار انتهاء المباحثات التي جرت في بيروت خلال الأيام الماضية بين المسؤولين اللبنانيين والوسيط الأميركي في أزمة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، إلى أن يفصل نحو 40 يوماً بين الموعد المقرر لبدء الاستشارات المزمعة في قصر بعبدا، والانتخابات النيابية، التي كانت الأولى بعد الانتفاضة الجماهيرية غير المسبوقة، التي شهدتها البلاد في أكتوبر 2019، للمطالبة بتفكيك الطبقة الحاكمة، ووضع حد للفساد والمحسوبية المستشرية في صفوفها، ووقف التدخلات الأجنبية.
وفي تصريحات نشرها موقع «ذا 961» الإلكتروني، قال متابعون للشأن اللبناني، إن رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية نجيب ميقاتي، يظل الأوفر حظا لتولي رئاسة الحكومة المرتقبة،  رغم المعارضة التي تبديها قوى لبنانية وزانة لمثل هذا الترشح، وعلى رأسها حزب «القوات اللبنانية» بقيادة سمير جعجع، الذي يسيطر من خلال كتلة «الجمهورية القوية»، على 19 مقعداً برلمانياً.
وأشار المحللون إلى أن ميقاتي، الذي تولى رئاسة الحكومة اللبنانية ثلاث مرات من قبل، لا يزال يحظى بدعم «حزب الله» و«حركة أمل» الحليفة له، فضلاً عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» بقيادة وليد جنبلاط، وكذلك جميع النواب الذين كانوا ينضوون في السابق تحت لواء «تيار المستقبل» الذي آثر مقاطعة الاقتراع الأخير.
ومن شأن ذلك ترجيح كفة الملياردير الستيني، الذي يقود الحكومة اللبنانية منذ سبتمبر 2021، على باقي منافسيه المحتملين، بمن فيهم النائب المستقل عبد الرحمن البزري، والمندوب السابق للبنان لدى الأمم المتحدة بين عاميْ 2007 و2017 نواف سلام، والخبير الاقتصادي عامر بساط.
 وفي حين يحذر محللون من أن الخلافات بين القوى اللبنانية بشأن اسم رئيس الحكومة قد تُنذر باستمرار فترة الجمود السياسي الحالي، يقول آخرون إن حسم هذه المشكلة لن يشكل سوى الخطوة الأولى على طريق طويل حافل بالتعقيدات، في ضوء تفاقم الأزمات في البلاد، بما يُنذر بإطلاق ما يُوصف بـ «الموجة الثالثة للهجرة» في التاريخ اللبناني الحديث، وذلك بعد موجتيْن، وقعت أولاهما في الفترة ما بين عاميْ 1865 و1916، وجرت الثانية خلال سنوات الحرب الأهلية التي اندلعت في إبريل 1975، وأُسْدِل عليها الستار عام 1990.