شعبان بلال، وكالات (تونس، القاهرة)
أعلنت الحكومة التونسية أنها ستلجأ إلى تكليف الجيش لضمان توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية خلال الإضراب العام المقرر اليوم الخميس، فيما أكد خبراء ومحللون سياسيون تونسيون لـ«الاتحاد» أن البعد الاقتصادي هو الأولوية بالنسبة للشارع التونسي، مؤكدين ضرورة مناقشة الحوار الوطني لمشكلة المديونية وغيرها من الموضوعات الشائكة التي تهم الرأي العام التونسي.
وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر المنظمات النقابية في البلاد، إضرابا عاما في القطاع العام والوظيفة العمومية يتوقع أن يحدث شللا في جميع الخدمات بما في ذلك الرحلات الجوية في المطارات.
وقال وزير التكوين والتشغيل والمتحدث باسم الحكومة التونسية نصر الدين النصيبي: الحكومة ستلجأ إلى «التسخير» لضمان الحد الأدنى من الخدمات خلال الإضراب العام المقرر اليوم الخميس.
وقال النصيبي: إن هناك مساعي من أجل التوصل إلى جلسة تفاوض مع الاتحاد، ولكنه أضاف «نحن مع الحق في الإضراب ولكن هناك حدا أدنى من الخدمات سنلجأ إلى التسخير من أجل الحفاظ عليها».
ويسمح القانون في تونس للسلطات باللجوء إلى «التسخير»، أي تكليف الجيش أو انتقاء عدد من العمال لتأمين الخدمات الأساسية والحيوية خلال الإضرابات، وهو ما لجأت إليه الحكومة في أكثر من مرة. والخلاف قائم بين الحكومة الحالية والاتحاد بسبب تعثر المفاوضات حول الزيادة في الأجور.
وقال النصيبي، للإذاعة الوطنية أمس: إن «أثر هذه الزيادات سيكون في حدود مليار دينار، وهو رقم لا تستطيع الحكومة الالتزام به بسبب الصعوبات التي تواجهها المالية العمومية والوضع الاقتصادي الدقيق».
وأوضح المتحدث باسم الحكومة: «اقترحت الحكومة تسوية الزيادات على مدى ثلاث سنوات حتى استرجاع الاقتصاد التونسي عافيته، لا يمكن أن نقدم وعوداً زائفة».
وتواجه الحكومة التونسية ضغوطا من صندوق النقد الدولي للاتفاق حول حزمة إصلاحات تشمل التحكم في كتلة الأجور وإصلاح المؤسسات العمومية ومراجعة نظام الدعم وأعداد الموظفين في القطاع العام مقابل برنامج إقراض في حدود 4 مليارات دولار.
وتستعد اللجنة الاستشارية للحوار الوطني في تونس، خلال الأيام المقبلة، لمناقشة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي سيتم إقرارها في الدستور الجديد للبلاد المقرر الاستفتاء عليه في 25 يوم يوليو المقبل، بما يُحقق مطالب الشعب التونسي.
وأكد خبراء ومحللون سياسيون أن البعد الاقتصادي هو أولوية بالنسبة للشارع التونسي، مؤكدين ضرورة مناقشة الحوار الوطني لمشكلة المديونية ووضعية العمومية المفلسة والمواطنة والخدمات الاجتماعية، وغيرها من الموضوعات الشائكة التي تهم الرأي العام التونسي.
وذكر المحلل السياسي التونسي منذر ثابت أن الإصلاحات الاقتصادية التي من المفترض أن يناقشها الحوار الوطني كمحور من المحاور الأساسية تشمل ضرورة النظر في ملكية المؤسسات الكبرى خاصة فيما يتعلق بالقطاعات التي بقيت تحت احتكار الدولة، والمسألة الثانية توزيع الثروة والاستثمار الخارجي وشروطه.
وأوضح ثابت لـ «الاتحاد» أن الموضوعات والقضايا الاجتماعية لابد أن تتضمن مناقشة وتحديد مفاهيم المساواة في المواطنة ونظام الخدمات ومجانية التعليم والصحة، مؤكداً أن كل هذه العناصر تحتاج إلى بلورة وبيان مبادئ عامة وليست التفاصيل، خاصة أن التسريبات تشير إلى أن الدستور الجديد لا يتجاوز 40 فصلا.
بدوره، رأى المحلل السياسي التونسي بولبابه سالم أهمية أن يناقش الحوار الوطني الجامع مشكلة المديونية ووضعية المؤسسات العمومية المفلسة وتغيير الخريطة التنموية، خاصةً أزمة الصناديق الاجتماعية والحوكمة وأهمية استقرار الأنشطة الصناعية الحيوية مثل الفوسفات والنفط.
وطالب بولبابه خلال حديثه لـ «الاتحاد»، بضرورة محاسبة المسؤولين عن الفساد وظاهرة الإفلات من العقاب، بالإضافة إلى مراجعة مسألة تمديد سن التقاعد في القطاع العام، موضحاً أن قضايا الدستور الجديد والاستفتاء طغت على المسألة الاقتصادية التي تعني التونسيين أكثر من غيرها.