أحمد شعبان (القاهرة)

شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة في المؤتمر الدولي الأول لـ«مركز سلام لدراسات التطرف»، التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وعرضت تجربتها الناجحة في مكافحة التطرف وتجفيف منابع الإرهاب ومصادرها وتمويلها، والسبل التي سلكتها لتصحيح الأفكار المغلوطة خاصة التي يتم استغلالها باسم الدين. وشارك في المؤتمر الذي عقد تحت عنوان «التطرف الديني المنطلقات الفكرية واستراتيجيات المواجهة»، نخبة من المسؤولين والمتخصصين والأكاديميين من 42 دولة.
ومثل الإمارات فيه الدكتور سلطان محمد النعيمي مدير عام مركز «الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية»، والدكتور محمد عبدالله العلي رئيس مركز «تريندز للبحوث والاستشارات»، والدكتور محمد البشاري الأمين العام لـ«المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة».

تجربة الإمارات
وقال الدكتور سلطان النعيمي إن دولة الإمارات تحتضن 200 جنسية على اختلاف المذاهب والأديان في تسامح وتعايش ودلالة واضحة أن التعايش والتسامح هو سبيل لوجود التنمية والتي لن تتحقق إلا بالأمن والأمان ومحاربة الفكر المتطرف.
ونوه إلى أن أهمية المؤتمر تكمن في النظر إلى أن الجماعات والتنظيمات الإرهابية تنطلق في أعمالها من مفاهيم دينية مغلوطة، وتقف اليوم وراء 97% من الهجمات التي وقعت على مستوى العالم في عام 2021.
وأشار خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية إلى أن 61 جماعة إرهابية نشطت على مستوى العالم العام الماضي، منها 44 جماعة ترتكز على منطلقات دينية متطرفة، و5 مسؤولة عن 70% من العمليات الإرهابية، مشيراً إلى أنه في الربع الأول من العام الحالي تم رصد نشاط 34 جماعة من بينها 23 ترتكز على أيديولوجية دينية وكانت مسؤولة عن 89% من النشاط الإرهابي خلال هذه الفترة.
وأكد النعيمي أنه بالرغم من عالمية ظاهرتي التطرف والإرهاب، إلا أن العالم العربي والإسلامي كان الضحية الأكبر للإرهاب المستند إلى منطلقات دينية مغلوطة، بدليل أن الدول الخمس الأكثر تأثراً بالإرهاب على مستوى العالم خلال الربع الأول من العام الحالي أعضاء في جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي، وهي العراق ونيجيريا وسوريا وموزامبيق وأفغانستان.
وقال: «إن هذه الحقائق تتطلب التكاتف من قبل الجميع، وتكثيف التعاون والتنسيق بين علماء الدين ورجال الفكر وصناع القرار والمؤسسات البحثية، من أجل بحث كافة السبل وصياغة الاستراتيجيات التي تحول بين التنظيمات المتطرفة، وبين تجنيد المزيد من الشباب وتضليلهم باسم الدين وباسم الدفاع عن الإسلام».
وأكد النعيمي أن دولة الإمارات بفضل الرؤية الثاقبة لقيادتها الرشيدة كانت من أول الدول التي أدركت مبكراً خطورة ما يحدث باسم الدين، التي اعتمدت سياسات شاملة في مكافحة التطرف والإرهاب، وتجفيف منابعها ومصادرها وتمويلها. 
وأسست مركز «هداية» عام 2012، ليكون من أوائل المؤسسات الدولية في التدريب والحوار والتعاون في مكافحة التطرف والإرهاب.
وقال إن «مسيرة التطرف والإرهاب من منطلق ديني لم تعد تتطلب الوقوف عند حدود عرض ونقد مواقف جماعات التطرف والإرهاب، خاصة بعد أن تجاوز واقع تجربة التنظيمات على الأرض مجرد رفض الدولة الحديثة إلى محاولات تبذل من قبل من بات يعرف بالتنظيمات الهجينة أو المختلطة لإقامة دول إسلاموية».
وأوضح أن مواجهة التطرف والإرهاب في العصر الرقمي تتطلب اهتماماً خاصاً بتأثير البيئة العالمية في تشكيل هاتين الظاهرتين، وأن نظهر وعياً وإدراكاً أكثر في تشكيل الشخصية والسمات النفسية لما يعرف بـ«الإرهابي المعولم»، وكيف مكنت وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصالات، الأصوليات الدينية من الانتقال من المحلية إلى العالمية.
وأكد  النعيمي أن دولة الإمارات كانت ولا تزال يداً بيد مع مصر والدول العربية والإسلامية في مواجهة الإرهاب والتطرف، إدراكاً منها أنه للوصول إلى التنمية والتسامح لابد من مواجهة هذه التنظيمات، مواجهة تبدأ من النشء، ولذلك تم تأسيس مدارس الأجيال القادمة في الإمارات، وهناك جهود مضنية ليست فقط في الجوانب الفكرية التقليدية، وإنما كذلك الوسائل الإعلامية.
بدوره، أكد الدكتور محمد عبدالله العلي أن تجمع المراكز البحثية في هذه التظاهرة المُهمة بلا شك ستخرج بتوصيات مهمة وأمور من شأنها تعديل الخطاب المتطرف والإرهابي.
وأشار رئيس مركز «تريندز للبحوث والاستشارات» لـ«الاتحاد» إلى أنه للإمارات تجارب رائدة في مكافحة الفكر المتطرف والإرهاب، من خلال إحكام القبضة على المنابع وخاصة في منابر والجلسات الدينية، والتحكم في الوسائل التي تتخذها هذه الفئات للسيطرة على عقول الشباب.