دينا محمود (لندن)

أقل من 10 أيام تفصلنا عن موعد توجه اللبنانيين إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في الانتخابات النيابية المرتقبة، التي يعتبر مراقبون أنها قد تكون من بين أهم الاستحقاقات الانتخابية، التي أُجريت في لبنان، منذ إعلان استقلاله أواخر عام 1943.
وعلى الرغم من أن الكثيرين يعولون على أن تمثل الانتخابات المقبلة، بداية لتغيير جذري في أوساط الطبقة الحاكمة في بيروت، وفي القلب منها ميليشيات «حزب الله» الإرهابية، خاصة بعدما أثبتت السنوات القليلة الماضية فشلها وعجزها عن مواجهة الأزمات المتتالية التي تعصف بلبنان، فإن خبراء ومتابعين يخشون من أن يحول تشرذم قوى المعارضة، من دون أن تتمكن من حرمان الحزب وحلفائه، من الهيمنة على مجلس النواب القادم.
وأشار المحللون إلى أن عدم نجاح جهود الرافضين لسطوة «حزب الله» الحالية على مؤسسات الدولة، في توحيد صفوفهم ومعاناتهم كذلك من مشكلات في تمويل حملاتهم الانتخابية، قد يفضيان إلى نتائج مخيبة لآمال الكثيرين، ممن شاركوا في الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة التي شهدها لبنان في أكتوبر 2019، وطالبت بتفكيك الطبقة الحاكمة، ووقف التدخلات الخارجية في شؤون البلاد، ووضع حد لهيمنة الحزب على قرارها السياسي والعسكري.
ويزيد من مخاوف هؤلاء، كما قال خبراء في تصريحات لموقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي، مشاعر اللامبالاة التي تسود قطاعات واسعة من الناخبين المحتملين، ممن قد يعزفون عن التصويت، بما سيصب بشكل غير مباشر على الأرجح، في صالح ميليشيات «حزب الله» وأنصارها.
ويجمع المحللون على أن الحزب وحلفاءه يخشون من إقبال الشبان اللبنانيين، الذين شكلوا رأس حرب انتفاضة 2019، على مراكز الاقتراع، ما سيعزز في هذه الحالة، فرص المرشحين المنتمين لقوى المعارضة غير التقليدية، التي أفرزتها الانتفاضة.
وفي ظل هذه الأجواء، يؤكد الخبراء أنه من العسير للغاية، توقع نتائج انتخابات الخامس عشر من مايو، التي وصفها الموقع بإحدى أهم عمليات الاقتراع، التي سيشهدها العالم خلال الأسابيع القليلة المقبلة، خاصة وأنها تُجرى بعد أقل من عامين، على الانفجار المدمر الذي ضرب مرفأ بيروت في أغسطس 2020، وأوقع خسائر بشرية ومادية فادحة، ويُنحى فيه باللائمة على «حزب الله».
ونقل التقرير عن الباحث نيكولاس بلانفورد من مؤسسة «المجلس الأطلسي» للأبحاث في الشؤون الدولية، توقعه أن يستغرق تشكيل أي حكومة جديدة في بيروت، شهورا طويلة من المفاوضات والمساومات، ما سيُرجئ بالتبعية التوصل إلى أي اتفاق محتمل، مع الجهات الدولية المانحة، وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي، على تقديم الدعم للاقتصاد اللبناني المتداعي.
وخلال الأعوام الأخيرة، تعثرت جهود التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، بفعل فشل الحكومات اللبنانية المتعاقبة، في إقرار خطط تفضي لإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية حقيقية، بهدف اجتياز الأزمة المتصاعدة، منذ أواخر عام 2019، والناجمة عن فساد الطبقة الحاكمة وفشلها على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
ومن بين المشكلات الأخرى التي يعاني منها معسكر القوى الرافضة لـ «حزب الله»، إعلان رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري قبل شهور، أن «تيار المستقبل» الذي يتزعمه، سيغيب عن الاستحقاق الانتخابي المقبل، ما أدى إلى انفراط عقد تحالف «14 آذار»، الذي كان قد أُعْلِنَ عن تشكيله بعد اغتيال الحريري الأب في ربيع عام 2005.
وفي تصريحات نشرها موقع «ميشَن نيتوورك نيوز» الإلكتروني، قال متابعون للشأن اللبناني: إن عزوف «تيار المستقبل» عن المشاركة في الانتخابات، يهدد بزعزعة معادلة التوازن التقليدية على الساحة السياسية، وذلك في ضوء أن التيار يشكل القوة الرئيسة المُمَثلة لسنة لبنان.