دينا محمود (لندن)
في وقت حالت فيه محاولات التلاعب الحوثية دون أن تنطلق قبل عدة أيام، من مطار صنعاء أول رحلة طيران تجارية منذ 6 سنوات اغتناماً لفرصة الهدنة المستمرة منذ مطلع الشهر الجاري، أكد مسؤولو الكثير من المنظمات الإنسانية غير الحكومية الدولية، أن التهدئة الراهنة، تمثل لهم فرصة ذهبية، لتكثيف المساعدات الموجهة لملايين اليمنيين المنكوبين، بحكم الميليشيات الإرهابية الانقلابية.
وتتزايد أهمية هذه الهدنة المقرر استمرارها حتى الثاني من يونيو المقبل والقابلة للتمديد رغم تواصل انتهاكات العصابة الحوثية لها بشكل يومي، في ضوء أن بدء سريانها تزامن مع حلول شهر رمضان المبارك، ومع الشح الراهن في الإمدادات الغذائية، خاصة من الحبوب، جراء تبعات الصراع الأوكراني المتواصل، منذ أواخر فبراير الماضي.
فاليمن يستورد ما يصل إلى 40% من احتياجاته من القمح من روسيا وأوكرانيا.
كما أن ارتفاع أسعار الوقود جراء تقلص إمدادات النفط في الأسواق الدولية بسبب الصراع الأوكراني، يؤثر بالتبعية على عمليات نقل المساعدات الإنسانية الموجهة لليمنيين، وإيصالها إلى المناطق النائية والريفية في وطنهم، وذلك في وقت يحتاج فيه قرابة 17.3 مليون منهم إلى مساعدات غذائية، وهو عدد من المرجح أن يصل إلى 19 مليوناً خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وقد كشفت إيرين هاتشينسون المسؤولة عن أنشطة «المجلس النرويجي للاجئين»، عن أنه كان للأسابيع الثلاثة الأولى من الهدنة، «تأثيرات هائلة» على الوضع الإنساني في اليمن.
فخلال هذه الفترة، تمكنت تلك المنظمة الإغاثية غير الحكومية، من تقديم المساعدة، على سبيل المثال، إلى نحو 12 ألف شخص في منطقة بمحافظة حجة الواقعة إلى الشمال الغربي من العاصمة صنعاء، كانت غير قادرة على الوصول إليها منذ أكثر من ثلاث سنوات.
أما ريتشارد راجان ممثل برنامج الأغذية العالمي في اليمن أيضاً، فقد أشار في تصريحات نشرها موقع «كرونولا نيوز» الإخباري، إلى أن «هدنة الشهرين» سمحت لهذه الوكالة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها، بتكثيف عمليات توزيع المساعدات، واصفاً وقف إطلاق النار المؤقت المطبق حالياً، بأنه لا يمثل فرصة رائعة لليمنيين وحدهم، وإنما يشكل كذلك تطوراً إيجابياً، على صعيد ضخ الدماء من جديد في شرايين الأنشطة الإغاثية، التي باتت في حاجة ماسة، للنهوض من كبوتها والعودة إلى مسارها الصحيح.
وتفيد تقديرات الوكالة الأممية، بأن أنشطتها في اليمن، متأخرة عن الجدول الزمني المطلوب لإتمامها، بما يتراوح ما بين شهرين إلى شهرين ونصف الشهر، وذلك جراء تصاعد القتال خلال الأشهر القليلة السابقة.
وتزامن ذلك مع اضطرار برنامج الأغذية العالمي، إلى تقليص الحصص الغذائية التي يوفرها لنحو ثلثي الأشخاص المشمولين بمساعداته في اليمن، والبالغ عددهم قرابة 13 مليون نسمة، وذلك بسبب نقص التمويل.
فقد أدت الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ شهرين، إلى تحويل جهات مانحة أموالاً، كان من المقرر توجيهها إلى اليمن، إلى ضحايا الصراع في أوروبا، وهو ما أدى إلى تفاقم أزمة التمويل، التي تعاني منها من الأصل، وكالات الإغاثة العاملة في الأراضي اليمنية.