يسرى عادل (أبوظبي)

ربما لا يزال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوفر حظاً لولاية ثانية، لكن هذا لا يعني أن منافسته زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان غير قادرة على صناعة المفاجأة، وتكرار سيناريوهات كانت يوماً صادمة وغير متوقعة، كاستفتاء «اتفاقية بريكست» (انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي)، وفوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة في 2016، وبالتالي الوصول إلى سدة الرئاسة كأول امرأة في تاريخ فرنسا الحديث.
«تانغو الإليزيه» 2022، يشبه كثيراً مشهد 2017، لكن من حيث صورة المواجهة فقط بين المتنافسين، زعيم حزب «الجمهورية إلى الأمام» الوسطي الذي رفع راية «نحن جميعاً» مخاطباً اليمين، واليسار، وجميع الفرنسيين غير الراضين عن ولايته الأولى، وزعيمة حزب «التجمع الوطني» التي رفعت راية «لجميع الفرنسيين»، شعاراً شعبوياً، يخاطب الداخل فقط ويراهن عليه لإحداث التغيير.
أما المشهد الواقعي للاقتراع الحاسم اليوم الأحد، فيبدو مختلفاً بشكل كبير عما كان قبل 5 سنوات لجهة استمالة صوت الناخب الفرنسي الذي ابتعد نسبياً عن ماكرون، واقترب أكثر من لوبان، ورهن مصير تحديد الفائز بطرف ثالث متردد ومقاطع بلغت نسبته نحو %26 في الدورة الأولى، وسط تحدث استطلاعات عن أن عدد الراغبين في التصويت لمرشح متطرف سواء من اليمين أو اليسار، في أعلى مستوى منذ أول انتخابات رئاسية مباشرة عام 1965، حيث بلغت نحو %46.
تكاد تجمع معظم الاستطلاعات، على أن ماكرون يبقى متصدراً على منافسته لوبان بنسبة (53.5 - 56.5%) مقابل (46.5 - 43.5%)، وهي نسبة بعيدة عما كانت في 2017 (66.1% مقابل 33.9%). لكن تغيير المعادلة لصالح أي من المتنافسين يبقى رهناً بتوزيع أصوات أنصار الأطراف الخاسرة في الدورة الأولى.
مؤيدو المرشح اليساري جان لوك ميلينشون الذي جاء في المركز الثالث يعتزمون وفق آخر الاستطلاعات التصويت لماكرون بنسبة 33%، مقابل 18% للوبان. في حين أن 79% من الذين ساندوا المرشح اليميني المتطرف الذي حل رابعاً  إريك زمور، سيقترعون لصالح لوبان، مقابل 9% لماكرون. ويعتبر مدير «سيفيبروف» مارسيال فوكو أن «احتياطيات الأصوات التي يمتلكها ماكرون منخفضة للغاية»، لافتاً إلى أن النتائج التي حققها «الحزب الاشتراكي» (آن هيدالغو - 1.74%) وحزب «الجمهوريون» (فاليري بيكريس - 4.78%) تبين أن الذين يميلون منهم بالفعل إلى ماكرون قد صوتوا لصالحه في الدورة الأولى. ويقول «إذا كان بوسع ماكرون الاعتماد الكامل على ناخبي يانيك جادو (حزب البيئة والخضر- 4.63%) وفابيان روسيل (الحزب الشيوعي - 2.28%)، لا سيما بعد دعوتهما إلى عدم التصويت لليمين المتطرف، فإن هذا سيمثل عدداً قليلاً جداً من الأصوات إجمالاً. وفي المقابل، من المتوقع أن تستفيد لوبان من أغلبية أصوات نسبة الـ7% التي حققها زمور، إضافة إلى نسبة 2% من أصوات نيكولا ديبون - إينيان (حزب انهضي فرنسا)، وهما المرشحان اللذان أشارا صراحة إلى دعم مرشحة اليمين المتطرف.
ويتمثل التحدي في الجولة الثانية اليوم في إقناع المترددين والممتنعين عن التصويت الذين تجاوزت نسبتهم 26% في الجولة الأولى، إضافة إلى حشد ناخبي اليسار، لاسيما أنصار ميلينشون الذي دعا إلى عدم التصويت للوبان، لكنه أحجم في الوقت نفسه عن دعوتهم لمنح أصواتهم لماكرون، مراهناً على دورة ثالثة (الانتخابات البرلمانية في يونيو المقبل) لحصد أغلبية قادرة على تنصيبه رئيساً للوزراء مع أحزاب يسارية أخرى، وليس تعيينه من الرئيس، في ما يعرف في فرنسا باسم «التعايش»، والذي حدث خلال عهد الرئيس المحافظ جاك شيراك ورئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان (1997 - 2002).
وبالحديث عن الأرقام، أظهر استطلاع للمعهد الفرنسي للرأي العام، أن نحو 14% من الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الجولة الثانية يعتقدون أنه سوف يتم التلاعب بالانتخابات، التي أياً كانت نتائجها حتى لو خسرت لوبان، تعني أن ناخبي اليمين المتطرف باتوا رقماً صعباً في مستقبل فرنسا السياسي ربما لسنوات.

  • أحمد شمس الدين

الخيار الطبيعي
يعتبر أحمد شمس الدين العضو في حزب «الجمهورية إلى الأمام» أن الخيار الطبيعي ألا يدعم معظم المرشحين، لوبان؛ لأنها تمثل كل ما هو ضد القيم الجمهورية في فرنسا والقيم الأوروبية بشكل عام، إضافة إلى أن برنامجها الاقتصادي أيضاً غير واقعي ولا يمكن تطبيقه ومعادٍ للبيئة.
ويقول: «تركّزت سياسة ماكرون خلال الولاية الأولى على التعددية من أجل إيجاد حلول متعددة الأطراف للمشاكل العالمية وتقوية الاتحاد الأوروبي وتمتين التعاون الألماني الفرنسي، وكذلك إيجاد حلول دبلوماسية للخلافات الدولية». أما ما يخص الشرق الأوسط، فتم توطيد العلاقات مع الكثير من الدول، أهمها الإمارات التي أصبحت شريكاً استراتيجياً في المنطقة.
ويرى شمس الدين أن انتخاب لوبان سيؤدي إلى القطيعة عن العالم والقطيعة مع أوروبا، فهي ستتخلى عن علاقة الصداقة الاستراتيجية بين فرنسا وألمانيا، وستخفض مساهمة فرنسا في ميزانية أوروبا من 27 مليار يورو إلى 17 ملياراً، وستحاول فرض شروط مقايضة على الدول الأوروبية. وبالتالي هذا الأمر سيؤدي بلا شك إلى تحضير خروج فرنسا من أوروبا. فيما سيعمل ماكرون على تطوير والحفاظ على دور دولي كبير لفرنسا وأوروبا والعمل على سياسة دفاعية وخارجية متماسكة.
ويشير إلى أن فوز لوبان ستكون نتائجه كارثية على الجميع، فرنسا أولاً، وأوروبا ثانياً، وكذلك على شركاء فرنسا في الشرق الأوسط. ويقول «منذ بداية الحرب على أوكرانيا، تعمل فرنسا عبر الخطوط الدبلوماسية التي يقودها ماكرون من جهة والضغط من خلال العقوبات من جهة أخرى من أجل الوصول إلى وقف إطلاق النار». ويضيف: «ماكرون سيكمل هذه المجهودات، في حال فوزه، التي تنص على إبقاء التواصل الدبلوماسي من جهة وفرض عقوبات أوروبية من جهة أخرى بهدف وقف الحرب».

  • إيلي حاتم

شلل وتوازن
في المقابل، يرفض إيلي حاتم المستشار المؤسس في حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) فكرة دعم المرشحين لماكرون، ويقول «بعد دعم المرشحة فاليري بيكريس لماكرون، دعا البعض من حزب الجمهوريين مثل ايريك سيوتي لعدم التصويت لماكرون، ودعم لوبان، كما أن المرشح نيكولا ديبون اينيان، دعا لعدم التصويت لمرشح الوسط (ماكرون)، ووصف أفكاره بالمتطابقة مع لوبان. كما أن المرشح جان لاسال صرح بأنه لا يجب التصويت لماكرون».
ويرى حاتم أن ماكرون سيكمل ما بدأه في رسم السياسة الخارجية الفرنسية، والتي وصلت إلى مرحلة الشلل بعد تراجع علاقاته مع الولايات المتحدة إثر الخلاف مع أستراليا بشأن الغواصات، فضلاً عن قضية «ماكنزي» وغيرها. ويعتبر أن الضغوطات الأميركية على الإدارة الفرنسية واضحة، ويقارن مع المرشحة لوبان التي يشير إلى رغبتها في الحفاظ على علاقة فرنسا بأصدقائها التاريخيين، ويؤكد أن عهد لوبان سيتميز بنوع من التوازن تحتاج إليه فرنسا لموقعها التاريخي، كالموقف الذي سيكون واضحاً من حل الدولتين، والخروج من حلف «الناتو».
ويؤكد حاتم ضرورة إعادة العلاقات الفرنسية مع الدول الفرانكفونية أسوة ببريطانيا التي لديها علاقات خاصة مع دول الكومنولث. ويرفض تعبير الغزو الروسي لأوكرانيا، مشدداً على أنها العملية الروسية، ويقول: «هناك معطيات على الأرض تشير إلى أن الحرب الدائرة في أوكرانيا، عودة لنزاع روسي - أميركي في قلب أوروبا». وعلى الرغم من رفضه للقوة والعنف، إلا أنه يجد في فرنسا وسيطاً جيداً للتخلص من النزاع الذي خيّم على أوروبا بشرط خروجها من حلف شمال الأطلسي أولاً لتقف على نقطة الحياد بين الدولتين (روسيا والولايات المتحدة). ويستبعد حاتم «فريكست» (خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي) بعهد لوبان، لكنه يشدد على ضرورة تحويله لمنظمة شبيهة بمنظمة «أوبك»، أو مجلس التعاون الخليجي مثلاً، معللاً ذلك بعدم وجود دستور واضح يمكن أن يكون نهجاً للدول الأوروبية، مشدداً على ضرورة إعادة دراسة كل المعاهدات الدولية ابتداءً بمعاهدة «شينغن»، ومعاهدة لشبونة وصولاً لمعاهدة روما التي وصفها بأنها تسحب السيادة والحرية للدول، وهو ما دفع بريطانيا للخروج من الاتحاد.

  • فريد حسني

خطر وكارثة
ويرى عضو حزب البيئة والخضر فريد حسني أن المرشحين يعون جيداً خطر برنامج لوبان على السلم الفرنسي والديناميكية الحالية للمجتمع المتسمة بالتعددية، ويصف نجاح لوبان بالكارثة السياسية الكبرى. وبالمقابل، يعتبر دعم المرشحين للرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون بالوعي لدى الناخب الفرنسي، وأنه على الرغم من أن المشاريع البيئية كانت غائبة في برامج المرشحين (ماكرون ولوبان)، إلا أن دعم ماكرون هو «أفضل السيئ في هذه المواجهة».
ويقول إن السياسة الخارجية الفرنسية في عهد لوبان قد تنقلب رأساً على عقب، ويقول «منذ فترة حكم الرئيس شارل ديغول وحتى الآن حافظ كل رؤساء فرنسا على الدفاع عن الاستقلالية الفرنسية، وتابعوا تطوير فرنسا داخل منظومة الاتحاد الأوروبي منذ عام 1993 ما ساهم في التخفيف من حدة القطبية»، ويضيف «باريس ستجد نفسها في مفترق طرق إذا فازت لوبان؛ لأنها ستسعى للانسحاب من القيادة العسكرية الموحدة لحلف الأطلسي»، واصفاً الخطوة بالكارثية.
ويشكك حسني بنوايا لوبان بعدم نيتها الخروج من الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أنها ستكون من أوائل ألغامها السياسية التي ستتعاون فيها مع حلفائها اليمينيين في المجر وبولندا للخروج من الاتحاد ومحاولة نسفه. كما يشير لعلاقة المرشحة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارتباطاتها العميقة بموسكو كقرضها البنكي من إحدى بنوك روسيا الذي يبلغ 9 ملايين يورو، ويرى أنه من المسلّمات أن يختلف النهج الفرنسي في التعاطي مع ملف الهجوم الروسي على أوكرانيا بحال فوز المرشحة، كما يجد أن فوز لوبان هو دعم رمزي كبير للرئيس الروسي لا يصل فقط إلى تخفيف العقوبات على روسيا، بل مؤشر إلى إعادة إحياء اليمين المتطرف الراديكالي في أوروبا الذي تدعمه موسكو. 

مشروع مقابل مشروع
استثمرت لوبان حملتها الميدانية بعيداً عن المدن الكبرى، في مناطق يشعر سكانها أحياناً بالإهمال، وعملت على تحسين صورتها من خلال خطاب أكثر اعتدالاً، بدد صورة الشخصية العدائية التي كانت طاغية في 2017، لكن مع ذلك كان هناك الكثير من المخاوف حول برنامجها، لا سيما حول الهجرة وحظر الحجاب ومستقبل الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي وعلاقتها مع روسيا. بينما أطلق الكثير من الفرنسيين صفة المتعجرف والمغرور على ماكرون، وقالوا إن هناك الكثير من السلبيات التي رافقت رئاسته الأولى، وإن برنامجه ربما لا يغادر الوعود كما حدث في معظم ما تعهد به في الولاية الأولى.
ويعتبر مراقبون أن «سياسة أي كان ما عدا لوبان لم تعد ناجعة»، فالأمر يتعلق بمشروع ضد مشروع، وحجة مقابل حجة، حول جميع القضايا من أوروبا إلى الاقتصاد إلى المستوى الاجتماعي والضرائب، وحول كل شيء. ويقول أحدهم «لطالما اتهمت لوبان خصمها وانتقدت فراغ مشروعه من أي مضمون، كما هاجم ماكرون، منافسته حول راديكالية برنامجها المرتكز على خطط صعبة لليمين المتطرف».
لا يجادل اثنان في أن مارين لوبان قريبة أكثر من أي وقت مضى من دخول «الإليزيه». وفي حال فوزها بالانتخابات في مشاركتها الثالثة بالاستحقاق على غرار الرئيسين السابقين جاك شيراك وفرانسوا ميتران، ستكون أول امرأة ترأس فرنسا، كما أن وصول اليمين المتطرف إلى قصر الإليزيه سيكون سابقة في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة.. الشارع الفرنسي المنقسم ينتظر أن يحسم خياره اليوم، ورهانه على من يستطيع تقديم الأفضل سواء ماكرون أو لوبان. وفي حال فشل الاثنين، اللجوء إلى الخيار الثالث بتعويم اليسار ومنحه الأغلبية الكاسحة في الانتخابات التشريعية المقبلة.

أوروبا تتدخل منعاً لسيناريو «فريكست»
يخشى الاتحاد الأوروبي صعود اليمين المتطرف إلى الحكم في فرنسا، لاسيما في ظل الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة، والعلاقة الوطيدة بين مرشحة «التجمع الوطني» مارين لوبان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهة، والخطر الذي تمثله لوبان في حال وصولها إلى الإليزيه، على ملف الطاقة لجهة اقتراحها تفكيك مزارع الرياح الحالية وخفض الدعم لطاقة الرياح والطاقة الشمسية، والابتعاد بذلك أكثر عن خطط الاتحاد الذي تريد تحويله تدريجياً إلى تحالف بين الأمم، بينما يرفع منافسها الرئيس إيمانويل ماكرون لواء السيادة والاستقلالية الأوروبيتين.
لوبان تعتبر أن فرنسا بحاجة إلى مغادرة سوق الطاقة الأوروبية، وترى أن الأوروبيين يستنزفون حصة بلادها من الغاز الطبيعي وأنه من الأفضل أن تمضي لوحدها في سياسة طاقة والبحث عن أسواق خاصة بها بعيداً عن التكتل الأوروبي، وتقول إن أزمة المناخ لن تكون أولوية في سياستها الخارجية، لكنها لن تترك اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتؤيد العقوبات ضد روسيا، لكن باستثناء ما يتعلق بإمدادات النفط والغاز. 
ووسط اتهامات بأنها تفكر بإجراء «فريكست» (انفصال فرنسا عن الاتحاد الأوروبي) في حال فوزها بالرئاسة، تؤكد لوبان أنه ليس لديها مشروع خفي لإخراج بلادها من الاتحاد، وتقول «لن أغادر الاتحاد الأوروبي، هذا ليس هدفي.. أود تغيير الهيكل الأوروبي وتحديثه من الداخل.. نريد تحالفا أوروبيا من الدول الحرة وذات السيادة.. أوروبا التي لا تجبر الدول على قبول إجراءات تتعارض مع المصالح الحيوية لسيادتها أو شعوبها.. نرغب في البقاء في هيكل أوروبي، ولكن ليس في السوق الأوروبية.. نريد إصلاح الاتحاد الأوروبي من الداخل. كلما حررنا أنفسنا من قيود بروكسل وبقينا في الاتحاد، زادت نظرتنا إلى العالم الأوسع.. ويبدو لي أن هذا هو ما فهمه الإنجليز جيداً»، في إشارة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد عام 2020.
وتتهم لوبان منافسها ماكرون بالتعامي عن برلين، وتقول إنها لا تريد أن تحذو حذوه، وترغب في إعادة تشكيل السياسة الخارجية لفرنسا من جديد، بالتركيز بالدرجة الأولى على التعاون الثنائي بدلاً من التعاون داخل المنظمات الدولية، وأنها لن تضع أي قوات فرنسية تحت قيادة أجنبية، وتعتزم الانسحاب من هيكل قيادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن دون التخلي عن تطبيق المادة الخامسة من معاهدة الناتو بشأن الحماية المتبادلة، وتدافع عن تعاملاتها السابقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتطالب بتقارب استراتيجي بين حلف شمال الأطلسي وروسيا بمجرد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية وتسويتها بموجب معاهدة سلام. 
في المقابل، يتّهم ماكرون لوبان بالكذب على الناخبين، مؤكّداً أنّ رغبتها الحقيقة هي الانفرادية في حين أنّ المطلوب هو إصلاح أوروبا وليس الخروج منها. وللمرة الأولى، يسارع عدد من قادة أوروبا إلى التدخل في دعوة الفرنسيين إلى التصويت لماكرون، إذ قال كل من المستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيسا الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، والبرتغالي أنطونيو كوستا، «إن الاختيار هو بين مرشح ديمقراطي يؤمن بأن قوة فرنسا ستمتد إلى اتحاد أوروبي قوي ومستقل، ومرشحة يمينية متطرفة تقف بكل صراحة إلى جانب أولئك الذين يعتدون على الحرية والديمقراطية والقيم المستندة لأفكار التنوير الفرنسية».

من يساند ماكرون؟
* دعا الرئيس الفرنسي الاشتراكي السابق فرانسوا هولاند الفرنسيين إلى التصويت لماكرون في الدورة الثانية باسم «تماسك فرنسا» و«مستقبلها الأوروبي».
* قال الرئيس الفرنسي السابق اليميني نيكولا ساركوزي، إنه سيصوت في الجولة الثانية لماكرون الذي نفى عقد أي اتفاق سياسي مع ساركوزي بخصوص منحه نفوذا سياسيا في مقابل تأييده.
* أصدر «مسجد باريس الكبير» و«تجمّع مسلمي فرنسا» دعوة للناخبين للتصويت لماكرون في الجولة الثانية. وقال عميد «مسجد باريس الكبير» شمس الدين حفيظ في بيان «تدعو قوى حاقدة إلى نفي المسلمين.. فلنصوت لماكرون».
* دعا المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا إلى التصويت لماكرون  باسم الدفاع عن «القيم الجمهورية». وحث الفرنسيين على التعبئة وتجاوز الانقسامات وقطع الطريق أمام لوبان. 
* أكد نحو 500 فنان وكاتب أنهم سيصوتون «من دون أي تردد» لماكرون في الجولة الثانية. وذكر «ممثلون وممثلات من عالم الثقافة والفنون الأدائية» الحية في مقال أرسلوه إلى وسائل الإعلام «لا شيء في برنامج لوبان يقربنا من تاريخ فرنسا المقاوم، والإنساني، والسخيّ، والمنفتح على العالم».

لا للمرشحين
قام طلاب في باريس باحتلال مبانٍ في جامعة السوربون ومعهد باريس للعلوم السياسية، احتجاجاً على حصر انتخابات الرئاسية الفرنسية بماكرون ولوبان، وقالوا في رسالة تم تداولها على شبكة الإنترنت «إنهم يرفضون تسليم أنفسهم لمنافسة ثانية بين السلطوي والنيوليبرالي ماكرون والفاشية لوبان»، ورددوا الهتاف «لا ماكرون ولا لوبان».
وقال البعض إن سياسات ماكرون في ولايته الأولى انحرفت كثيراً نحو اليمين، مستشهدين بوحشية الشرطة ضد محتجي السترات الصفراء أو الإجراءات الرامية لقمع ما يسميه ماكرون «النزعة الانفصالية الإسلامية». وقال آخرون «الناس يحتجون على ماكرون أكثر من احتجاجهم على الجبهة الوطنية.. أعتقد أن هذا شيء مفزع.. هذا فشل، لأنه يسهم في جعل أفكار الجبهة الوطنية تبدو كأنها شيء طبيعي».

«تريندز»: ماكرون يتقدم
أظهر تقرير استطلاعي لمركز «تريندز» للبحوث والاستشارات عن الانتخابات الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون أقرب إلى الفوز برئاسة ثانية على منافسته المرشحة اليمينية مارين لوبان بنسب تتراوح بين 52 - 54 % مقابل 46 - 48 %. وأوضحت المؤشرات أن ماكرون سيستفيد في جولة الإعادة اليوم من ناخبي مرشح اليسار ميلينشون ومرشح حزب الخضر يانيك جادو، في حين تحظى لوبان بدعم ناخبي مرشح اليمين إريك زمور. بينما ينتظر أن تنقسم أصوات ناخبي مرشحة حزب الجمهوريين بيكريس بين الطرفين.

الهجرة.. والحجاب
تعد الهجرة أبرز محاور الانتخابات الرئاسية الفرنسية. فقد خصصت مرشحة «التجمع الوطني» اليميني المتطرف مارين لوبان لهذا الموضوع ملفاً من 40 صفحة بعنوان «السيطرة على الهجرة»، داعية إلى تعديل دستوري وتنظيم استفتاء لحماية الجنسية والهوية من خلال قانون يجرم دخول المهاجرين بطريقة غير شرعية وعدم تسوية أوضاعهم، باستثناء بعض الحالات الفردية. فيما يشدد الرئيس إيمانويل ماكرون على «أن العيش في فرنسا يعني أن نعيش جميعا في أمّة، بغض النظر عن الأصل أو الدين أو المظهر، فنحن متساوون في القانون»، ويؤكد على إصلاح نظام «شينغن»، ويشدد على ضرورة إدماج المهاجرين في المجتمع مع الحفاظ على هويتهم. 
عادت مسألة حظر الحجاب إلى الواجهة خلال الحملة الانتخابية. والمتنافسان على طرفي نقيض من القضية لاسيما وأنه يعيش في فرنسا ما بين خمسة وستة ملايين مسلم، ما يجعل من الإسلام ثاني الديانات الكبرى. وأقرت لوبان التي تدعو لحظر الحجاب في الأماكن العامة وتهدد بفرض غرامات، بأن المشكلة معقدة، وأن مشروع الحظر سيطرح للنقاش في الجمعية الوطنية (البرلمان). بينما يحذر ماكرون من أن حظر الحجاب سيعني دستوريا منع جميع الرموز الدينية، متهما لوبان بالمخاطرة بإشعال «حرب أهلية» في فرنسا في حال تم انتخابها رئيسة ونفذت تعهدها، وقال «لا توجد دولة واحدة في العالم تحظر الحجاب في الأماكن العامة».