دينا محمود (لندن)

مع تسارع وتيرة انتهاكات ميليشيات «الحوثي» الإرهابية للهدنة السارية منذ مطلع الشهر الجاري في اليمن، أبدى خبراء ومحللون تشككهم في إمكانية أن يصمد الوقف الحالي للمعارك في هذا البلد، حتى الثاني من يونيو المقبل، وهو الموعد الأوليّ المحدد لانقضائه بحسب الاتفاق الذي أعلنت عنه الأمم المتحدة بشأنه قبل أسابيع.
وخلال الساعات القليلة الماضية، أكدت وزارة الدفاع التابعة للحكومة الشرعية اليمنية، أنّ المسلحين الانقلابيين شنوا هجمات بالمدفعية الثقيلة على القوات الحكومية، في محيط مدينة مأرب ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي حاولت العصابة «الحوثية»، الاستيلاء عليها دون جدوى، على مدار عام كامل.
وأكدت مصادر يمنية أن الانقلابيين حوّلوا أودية في جنوب العاصمة صنعاء، إلى مواقع للتدريب، انتهازاً لالتزام الجيش اليمني بالهدنة الحالية، المقررة لشهرين والقابلة للتمديد.
وأشار المحللون إلى أن هذه الانتهاكات «الحوثية» المتصاعدة، تُعيد إلى الأذهان «التاريخ الأسود» للميليشيات الإجرامية، مع الهُدَن السابقة التي طُبِقَت في اليمن منذ اندلاع الحرب الحالية، والحافل بنقض العهود والاتفاقيات، مُحذرين من أن الممارسات العدوانية التي يُقْدِم عليها المسلحون الانقلابيون، تهدد بتقويض «هدنة الشهرين»، التي باتت على مشارف دخول أسبوعها الرابع.
وفي تصريحات نشرها موقع «ستراتيجي بيدج» الإلكتروني المعني بالشؤون العسكرية والصراعات المسلحة في العالم، قال المحللون، إن هذه الانتهاكات تثير مخاوف واسعة النطاق من إمكانية تجدد القتال، حتى لو بدت طفيفة نسبياً في الوقت الحاضر.
واعتبروا أن هذه الخروقات تثبت عدم اكتراث الميليشيات الحوثية الإرهابية بالهدنة، وهو ما يهددها بأن تلقى مصير اتفاقيات هدنة مماثلة، جرى الاتفاق عليها، خلال سنوات الصراع الذي اندلع جراء الانقلاب الدموي، الذي نفذته هذه العصابة الإجرامية قبل نحو ثمانية أعوام.
ومن بين أبرز هذه الاتفاقيات، هدنةٌ أُعْلِنَت في مدينة الحديدة ومحيطها عام 2018، واستغلها المسلحون الانقلابيون للحيلولة دون نجاح القوات الحكومية في بسط السيطرة على هذه المدينة، التي تضم ثاني أكبر الموانئ اليمنية، والذي يشكل نقطة استقبال رئيسة للمساعدات الإنسانية الموجهة لملايين اليمنيين.
ولكن الخبراء يشيرون إلى أن التوصل إلى الهدنة الحالية، التي تزامن بدؤها مع أول أيام شهر رمضان المبارك، يعكس في الوقت نفسه، وجود إمكانية لبلورة توافقات بين الأطراف المتحاربة على الساحة اليمنية. 
وأكدوا في هذا السياق، أهمية تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، الذي سلم له الرئيس السابق عبدربه منصور هادي صلاحياته، في السابع من الشهر الجاري، وكلفه بالتفاوض لحقن دماء اليمنيين.
فتشكيل المجلس، الذي أدى رئيسه رشاد العليمي وأعضاؤه السبعة اليمين الدستورية أمس الأول في مدينة عدن، يفتح الباب أمام إطلاق عملية تفاوضية شاملة، تنخرط فيها مختلف القوى والتيارات اليمنية، بما فيها الميليشيات الحوثية، من أجل تحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار، بما يُفسح المجال أمام طي صفحة الحرب الأهلية على نحو كامل، في نهاية المطاف.
كما أبرز الخبراء أهمية «قوة المهام» البحرية، التي أعلنت الولايات المتحدة منتصف الشهر الحالي عن تشكيلها، للقيام بدوريات في خليج عدن والبحر الأحمر، بهدف التصدي لعمليات تهريب الأسلحة للعصابة «الحوثية»، بما يشمل تزويدها بطائرات مُسيّرة مفخخة ومكونات صواريخ كروز وصواريخ باليستية، يستخدمها الانقلابيون، لتنفيذ اعتداءاتهم في الداخل اليمني وعبر الحدود.