هدى جاسم، وكالات (بغداد)
حذر الرئيس العراقي برهم صالح، أمس، من استمرار الأزمة السياسية الخطيرة في البلاد، والشروع بتشكيل حكومة عراقية جديدة.
وقال صالح، في بيان بمناسبة ذكرى سقوط حقبة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين واحتلال القوات الأميركية العراق، عام 2003: «إن استمرار الأزمة السياسية قد يؤدي بالبلد إلى متاهات خطيرة يكون الجميع خاسراً فيها».
وأضاف: «بعد عقدين من التغيير، يمر بلدنا بظرف حساس وسط انسداد سياسي، وتأخر استحقاقات دستورية عن مواعيدها المُحددة، وهو أمر غير مقبول بالمرة بعد مضي أكثر من خمسة أشهر على إجراء انتخابات مُبكرة، استجابة لحراك شعبي وإجماع وطني، لتكون وسيلة للإصلاح وضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي، وتصحيح المسارات الخاطئة».
وتابع صالح: «أمام جميع القوى السياسية الآن مسؤولية تاريخية ووطنية وأخلاقية في رص الصف الوطني، عبر حوار جاد وفاعل، للخروج من الأزمة الراهنة، والشروع بتشكيل حكومة وطنية مُقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد وتُعزز سيادته واستقلاله، وتعمل على تلبية تطلعات العراقيين».
وذكر أن الأشهر التي أعقبت الانتخابات البرلمانية العراقية، التي جرت بالعراق في أكتوبر الماضي، تؤكد ما ذهبنا إليه في الحاجة لتعديلات دستورية يجب الشروع فيها خلال الفترة المقبلة، عبر وفاق وتفاهم وطني، لبنود أثبتت التجربة مسؤوليتها عن أزمات مستعصية.
وقال صالح: «إن الحاجة مُلحة لتلبية مطلب كل العراقيين في حكم رشيد، يتجاوز أخطاء وثغرات التجربة، ومعالجة الخلل البنيوي في منظومة الحكم التي تستوجب إصلاحاً حقيقياً وجذرياً لا يقبل التأجيل، ولن يتحقق ذلك من دون استعادة ثقة الشعب، باعتباره مصدر السلطة وشرعيتها عبر إجراءات استثنائية شجاعة تضع مصالح المواطنين فوق كل اعتبار».
إلى ذلك، قال مسؤول عراقي رفيع، أمس، إن بلاده تخشى «التهديد الإرهابي» الذي يمثله مخيم «الهول» في سوريا، والذي يؤوي أقارب عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، داعياً جميع الدول المعنية إلى سحب رعاياها الموجودين هناك.
وقال قاسم الأعرجي، مستشار الأمن القومي العراقي في مؤتمر في مركز النهرين ضم سفراء الدول الغربية ووكالات الأمم المتحدة، إن التنظيم الإرهابي «لا يزال يشكل خطراً حقيقياً على الهول».
ويقع مخيم «الهول»، المكتظ بالنازحين والذي تسيطر عليه الإدارة الكردية شبه المستقلة، في شمال شرق سوريا، على بعد أقل من 10 كيلومترات من الحدود العراقية. ووفقاً للأمم المتحدة، يعيش حوالي 56 ألف شخص في هذا المخيم الذي يوصف بأنه «برميل بارود إرهابي».
ويؤوي إضافة إلى عائلات المتطرفين الأجنبية وهم حوالي عشرة آلاف شخص، عائلات النازحين السوريين واللاجئين العراقيين، وبعضهم لا يزال على صلات مع تنظيم «داعش». ودعا الأعرجي المجتمع الدولي إلى «عمل جاد وحقيقي لتفكيك المخيم ونقل كل الإرهابيين ومحاكمتهم، حتى تكون المنطقة آمنة ونظيفة»، مؤكداً أن هذا الموضوع «يشكل تهديداً للأمن القومي العراقي، ولن نرضى بذلك». وأضاف: «كل يوم يطول البقاء يعني يوماً من الكراهية والحقد وتمويل الإرهاب».
ورغم التحذيرات المتكررة من الأكراد، ترفض معظم الدول الغربية إعادة مواطنيها، وتكتفي بعمليات الإعادة إلى بلدانها خوفاً من الأعمال الإرهابية المحتملة على أراضيها. ويقدر عدد «إرهابيي داعش المعتقلين في سجون قوات سوريا الديموقراطية»، بقيادة الأكراد، بحوالي 12 ألفاً، بحسب الأعرجي، الذي اعتبر أن التنظيم لا يزال يمثل «تحدياً». وأوضح: «هناك محاولات مستمرة من قبل داعش لكسر هذه السجون، داعش تفتقر للقيادات والقيادات في السجون»، كما حدث خلال الهجوم على سجن غويران في محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا في يناير الماضي، عندما اقتحم العشرات من الإرهابيين المبنى. وبعد عدة أيام من القتال ومئات القتلى، استعادت قوات الدفاع والأمن السيطرة على السجن. وبما أن العراق يشترك في حدود أكثر من 600 كيلومتر مع سوريا، يخشى أكثر من أي شيء من تسلل الإرهابيين إلى أراضيه.
وأعلنت بغداد «انتصارها» على تنظيم «داعش» نهاية عام 2017، لكن بعد أربع سنوات ونصف، تواصل القوات المسلحة مواجهة الخلايا الإرهابية بشكل متقطع، لا سيما في المناطق الريفية والجبلية الواقعة بين الأطراف الشمالية لبغداد وكردستان.
وفي محاولة لمنع هذا التسلل، بدأ العراق أيضاً ببناء جدار خرساني على حدوده مع سوريا في منطقة قريبة من مخيم «الهول».